للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجع: بلغ أمل بعملٍ، وأهل التقصير، بلا عونٍ ولا نصيرٍ. يأكل أطايب الأعفاء، من سمح بالرسل في أيام السفاء، ويلج الغمار، باذل السمار، وتثنى الضيفان، على الجائد بملء الجفان. لا يثنى عليك فصيل، بالأصيل. ومن اخضرت شربته بالواد، اكمات مربده بالتمر الجلاد. ومن ركب العامة في طلب الصيد كانت بطون عياله قبوراً للحيتان. ومن تتبع بقوسه موارد الوحش كثر في منزله الوشيق. والليل مطية الفجرة والصالحين: من أنضاه في الطاعة ربح، ومن حسره في المعصية فهو من أهل الخسار. ونعم الشيء النهار لمن جاهد وصام عن لحوم الناس؛ وصوم النية أفضل الصيام؛ لأن الجوارح تتبع القلب، وربما صامت اليد وأفطر اللسان. والشيء إلى شكله ينتظر، فيكون إذا اسود كشح السارية بالعرق فهامتها تبيض باللغام؛ وينذرك بشمط المفرق شمط العذار؛ لأن نبت الفودين قبل نبت العارضين، وحمرة الشقر تؤذنك بصفرة النبات. وكم أمرت بشيء وسواه ائتمرت، فبعفوك اللهم أنتصر من عجزٍ وفشلٍ إلى حزم المقال. أما الفم فمسكي المنطق، وأما نية الخلد فقطران. كم يرعني الدهر فلا أرع، وأنا إلى الباطل متسرع. لو كان القبر منزلاً أكرم به وأصان لوجب أن أذعر له وأرتاع، فكيف وأنا هنالك بادي الوحشة طويل الغربة هامد العظام!. ليت أعظمى تحولت عيدان أراك يتفلفل بها المتعبدون لله بالعشى والأبكار. وليت أدمى جعل منه ذوات طراقٍ يمسح عليها المسافرون في سبيل الله أوقات الصلوات، أو صنع منه شعيب يحمل فيها الماء حتى تعد في الشنان الباليات. وليت شعرى عشب عبثت به ركاب الناسكين، على أصل بذلك إلى الفلاح. غاية.

تفسير: الأعفاء: جمع عفوٍ وهو الجحش. والسفاء: قلة اللبن؛ يقال: ناقة سفي وهي ضد الصفي. والمعنى: أن من سقى فرسه اللبن في أيام قلته طرد عليه الوحش فصادها. والغمار: جمع غمرةٍ وهي الشدة. والسمار: اللبن المذيق. والمعنى: أن من سقى فرسه سماراً وثق بجريه فولج غمار الحرب. اخضرت شربته أي صار عليها طحلب من كثرة الماء وإدمان السقي. واكمات المربد أي صار فيه تمر يوصف بالكمتة؛ والعرب تصف التمرة بالكميت. والجلاد: جمع جلدةٍ وهي التمرة الشديدة التي لا تتوسف أي تتقشر؛ وفي حديث علىٍ عليه السلام أنه أكرى نفسه من يهودي على أنه ينزع له مائة دلوٍ بمائة تمرةٍ جلدةٍ؛ وقال الأسود بن يعفر:

وكنت إذا ما قرب الزاد مولعاً ... بكل كميتٍ جلدةٍ لم توسف

يعني تمرةً. والعامة: ضرب من السفن. والوشق: اللحم المقدد طولاً، والقطعة وشيقة. والشئ إلى شكله أي مع شكله وهو ما يشا كله وإن لم يكن مثله في الحقيقة، كأن تقول: إن الصوم يشاكل الصلاة أي هما عبادة وإن لم يكونا مثلين؛ وكذلك اسوداد كشح المطية بالعرق يشاكل ابيضاض رأسها باللغام؛ لأن هاتين الحالتين تكونان عند الجهد والمشقة. والشقر: شقائق النعمان. والمعنى: أنه إذا فتح نوره فقد ألوى بعض النبت واصفر. وأتمرت أي حدثت نفسى؛ ومنه قول النمر:

إعلمي أن كل مؤتمر ... مخطئ في الرأي أحيانا

وقوله تعالى " يأتمرون بك ليقتلوك " فسر على وجهين: أحدهما أنهم يحدثون أنفسهم بقتلك. والآخر أنهم يأمر بعضهم بعضاً، فيكون ياتمرون في معنى يتآمرون، كما أن يختصمون في معنى يخاصمون ويتفلفل: يستاك. والشعيب: القربة من أديمين.

رجع: بلغة من المأكل، وحاجب من السترات، ومذهب للظمأ من الأمواه، خير من مالٍ غمر، ونهىٍ وأمرٍ، وعسلٍ وخمرٍ. والدنيا فاحشة العيوب، وعيوبي أفحش إذ كنت لها من المحبين؛ وينبغي للعاقل ألا يرغب في المعيب. يا نفس لو أطعتني هنيدة من الأحقاب كنت عليك لما سلف غضبان. هذا أنا وأنت أعز الأنفس علي، فكيف بخالقك الذي أنت عنده في منزلة هوانٍ: لو أنحيت على شبحك بالمقاريض ماقا بلتك بما تستحقين. فاذهبي ذميمة غير كريمةً. إن لقيت شرا فما أجدرك به، وإن لقيت خيراً فإن الله صفوح لا يعجز ولا يشبهه العاجزون. ما أجدره أن يجعل عقاب الزبر عقاباً تنقض على خزان الأنيعم والسماسم بأورال، والمنقضة ممسكاً للحب في حجة الجارية ذات الرعاث، ورعاث العفراء يوماًيبذل فيه نفائس الأثمان، ونعام القامة خواضب أكلت اليساريع، ويساريع الرمل بنان غوانٍ، وترائك الكماة قيضاً في الأداح. غاية.

<<  <   >  >>