إن الله هو الملك، لا يهلك ولكن يهلك، والفلك بعض ما يملك، والطرق إلى طاعته تنسلك، فخاب من يشرك، ما آخذ وما أترك!. السعيد على العبادة مبترك. فاعتصم برب الشمس والقمر، ومنشئ الشجر والثمر، ومالك القلة والأمر؛ من أفعال الغمر والغمر، ومن شر كل بشر، وهول المحشر. إن الله خلق مشل عون، يرتع بملاحس العين، حيث لا رامٍ ولا انيس، يتخير البارض والجميم؛ وذلك بفضل الله القدير. ويرازم بقلاً وعشباً، يسبح بالشحيج والسحيل، ويقدس بالخبب والتقريب، رباعياً ارتفع عن ضعف الجذاع، وليس بمسن أنفد من العمر حقباً، ما يقع سنبكه على صفاةٍ إلا ذكرها بالله فذكرته، ولا يهوى بجحافله إلى نباتٍ، إلا واسم الله عليه، ولا يمر بغدير أسحر كعين الزبحى أو أزرق كعين الرومى، إلا وعظمة الله في أرجائه بين؛ فأقام على ذلك جمادى ورجباً. وصقلته البهمى الحبشية فتركته كالنصل مهذباً، يلتفت عن اليمين والشمال، ولا شبح يراه إلا الحقب المطردات فيرن مطرباً، حادى سبع أو ثمانٍ، ليس بمشيم ولا يمانٍ؛ لاح له رأس الجوزاء وذلك في ذنابى الربيع، ونبت الحاجر كعذار الأشيب؛ فلما انقضى زمان الجزء ذكر مشرباً، فانصلت كالسيف الهندي، مرة يعفو على الأتن وأخرى يعفون عليه، والأخاشب ترتمي به والقيعان، يغار دونها كالشجاع قد شذب حولى الجحاش. ولم يحش بإذن الخالق مشذباً، تقدح حوافرها النار، كأن كل حجرٍ تطؤه من المرخ؛ تنشأ بين أرجلها نيران الحباحب كأنها تطلع من الأرض شهباً، وفي الليل تطأ الأفاحيص فتترك ودائعها في القرار كالودع أو ما كسر من القوارير، ويكلف الكدر نسباً، هن صوادق كالمثنى على الله ما يخشى كذباً، كم رمحت المرحات من جندبٍ يرمح لاقى منها عطباً، ما هجر فقدعته. ولكن هجر صخباً، فلما أشرفن على عين أسراب كانها عين غرابٍ تنسج لها الجنوب حبباً، نكصن فلما كظهن الحيام أرسأن قوائمهن في الماء يخضن صافياً عليه الشبا، وكادت المسامع تختضر من الجرع فيه ثم وارين في الصدور نغباً، أخمدن وارى العطش وصار العير متحبباً، وعلى الشمائل طاوٍ كالميت منطوٍ من الصفيح في بيتٍ يدعو الله أن يرزق صبيته خذوفاً ما ترضع تولباً، رمى فأصاب حائلاً شفت من العيال سغباً، وانصرف واليهن فلقين في ضياء الفجر من فراط الحمام عصباً، وعلى الصعد شعث كالنصال أرصدوا بكل ريعٍ مخلباً، فتلفت سوق النحص بعد ما نجون من بارى نبعةٍ لا يملك سواها نشبا، قرن بها ممراً من المربوعات وتخير من الفروع قضباً، انتحاها والله يراه وكساها ريشاً وعقباً، ووصل بها معابل مرهفات الظبى كالجمر صادف بليلٍ صباً، ونجا العير بنفسه لا يذكر مصطحبا، وبا كره مع الشعاع فارس يحتث سلهباً، تحسب حوافره من الخضرة كسين طحلباً، كانما اجرت الصنعة عليه ذهباً، فطرده شأواً مغرباً، فركب في جوانحه من الخطية ثعلباً، فخر الوحشى ملحباً؛ وكذلك مصير الدنيا الخائنة لا تنقذك أخوة؛ ففي تقوى الله آخ. غاية.
تفسير: مبترك: من أبترك على الشيء إذا أنحى عليه؛ يقال: ابترك الصيقل على السيف: إذا أنحى عليه. والأبتراك في العدو: ان ينحى الفرس على أحد شقيه. والأمر: الكثرة؛ يقال في المثل. " في وجه مالك تعرف أمرته " أي كثرته ونماؤه؛ وقال لبيد:
إن يغبطوا يهطوا وإن أمروا ... يوماً يصيروا للبوس والنكد
والمشل: الشديد الطرد. والعون: يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون جمع عوانٍ من الأتن، والآخر أن يكون جمع عانة من الحمير، مثل ساحةٍ وسوحٍ. والعين: البقر الوحشية. يقال: تركته بملاحس البقرأي في المكان القفر؛ لأنها لا تلحس أولادها إلا وهي آمنة. والبارض: أول ما يخرج من النبات، وأكثر ما يخص به البهمي؛ فإذا طال قليلاً فهو الجميم، ويقال الجميم الذي قد صار جماماً قبل أن يتفتح نواره؛ قال ذو الرمة:
رعى بارض البهمي جميماً وبسرةً ... وصمعاء حتى آنفته خلالها
البسرة: يريد بها الغضة. والصمعاء: التي قد اكتنزت قبل أن ينفتح عنها وعاؤها. وآنفته: دخلت في أنفه؛ أي رعاها في أحوالها كلها حتى يبست وصار لها شوك. يرازم: يأكل هذا مرةً وهذا مرةً قال الراعي:
كلى الحمض بعد المقحمين ورازمى ... إلى قابلٍ ثم اصبرى بعد قابل