وذلك أنهم إذا أرادوا الدخول عليها قالوا: خامري أم عامرٍ أي الزمى الخمر، وهو ما واراك. والعرب تضرب بها المثل في الحمق فتقول أحمق من الضبع. ومن أحاديث الأعراب أن الضبع وردت غديراً فوجدت فيه توديةً هي عويد يجعل على خلف الناقة إذا أراد واأن يصروها فلم تزل تشرب وتقول: يا حبذا طعم اللبن حتى انشق بطنها. وهذه أمثال تضربها العرب نحو أمثال الهند والعلبط: الفطيع العظيم من الغنم. فامترسن به أي مارسنه. والمراس: مثل العلاج. والعنرة: عصاً نحو نصف الرمح، وربما كان في رأسها سنان وربما لم يكن فيه. وسنان محرب أي محدد. والأوس الذئب.
رجع: ولا تغفل ذكر الله عقاب تقطع البلاد عقباً، باتت في رأس جبلٍ فأصبحت وكانما ندف عليها الضريب عطباً، فنفضت الريش الرطيب وعلت مع الشروق مرقباً، فنظرت إلى خززٍ بكر في ابتغاء الرزق فانقضت عليه وما كنت منه كثباً، فسمع دويا في الجويد نو منه ويقترب فما شعر حتى وقع به الأجل فملأ فاه أثلباً، وتلك لا تنجو من الحوادث وإن عاشت عمراً، وربما هوت على ثرملةٍ فأصاب جناحها ريد فغادره عتباً، فسقطت إلى الأرض وأديل منها ثعالة فقضى منها أربا، إما أجهز عليها أو غفل عنها فجاءها المقدار على هونٍ وطالما ذعرت السماسم في الأرض الرائعة والسباخ: غاية.
تفسير: الضريب: الثلج والصقيع. والعطب: القطن. والكثب: القريب. والأثلب: التراب والحجارة. والثرملة: الأنثى من الثعالب.
والعتب: الكسير. وثعالة: الثعلب، والعرب تقول في وصف العقاب إنها ربما مرت في انقضاضها على ريد جبلٍ فكسر جناحها. والريد: حرف الجبل المتقدم منه؛ ومنه قول صخر الغي الهذلي:
ولله لا تبقى على الدهر لقوة ... توسد فرخيها لحوم الأرانب
فمرت على ريدٍ فأعنت ظهرها ... فخرت على الرجلين أخيب خائب
وأجهز على الجريح: إذا ذفف عليه، ومنه قول الخارجي:
تعست ابن ذات النوف أجهز على امرئ ... يرى الموت أبقى من حياةٍ وأكرما
النوف: ما تقطعه الخاتنة. والهون: الرسل. والسماسم: جمع سمسم وهو الثلعب، وربما قيل للذئب سمسم؛ وقيل سمى سمسماً لسرعته، وقيل لصغر رأسه. والعقاب توصف بأنها ربما أخذت الذئب؛ قال الشاعر وتروى للنعمان بن بشيرٍ الأنصاري يصف الفرس:
كأنها لقوة شغواء خائتة ... ولى ليسبقها بالأمعز الذيب
صبت عليه ولم تنصب من كثبٍ ... إن الشقاء على الأشقين مصبوب
الشغواء: التي يختلف أعلى منقارها وأسفله. والخائتة: التي تنقض فيسمع صوت انقضاضها؛ يقال خاتت تخوت خوتاً. والسباخ: جمع سبخةٍ وهي أرض ملحة لا تنبت شيئاً.
رجع: ويدل على صنعة ربه ظليم ظل ينقف الحنظل معجباً، له بالذبح معيش وفي التنوم رزق وغذاء أخضع تخله منقلباً، إذا أمعر لهم حصى، كأن فاه شق العصا، غنى بالدو، أسود له بنات بيض، شده إليهن قبيض، إذا نهض عنهن قلت خباء ليس مطنباً، قدر له مالك فرسٍ يصبحها في الجشر حلباً، فطرده طلقاً فخضب من القناة أكعبا، وكان لا يسمع أو يسمع الميت، أفزع كأنه الشماس أو الكميت، هل أذن لذكر الله وأصاخ. غاية.
تفسير: ينقف الحنظل: يتناوله بمنقاره. والذبح ضرب: من النبت تأكله النعام، وكذلك التنوم. والأخضع: الذي في رقبته اطمئنان. والظليم يوصف بأنه كالمنقلب. وأصل الإمعار: قلة الشئ. والظليم إذا لم يجدنبتا أكل المرو والحصى. والدو: القفر من الأرض، وهو موضع أيضاً بعينه. والقبيض: السريع. والجشر: حين يجشر الصبح أي يطلع؛ ومنه سميت الجاشرية وهي الشرب في ذلك الوقت؛ ومنه قول الشاعر:
وندمانٍ يزيد الكاس طيباً ... سقيت الجاشرية أو سقاني
والشماس: ابن الأسود الأنصاري، كان أصم، وكذلك الكميت بن زيدٍ. وأصاخ: إذا أمال رأسه إلى نحو الصوت ليستمع. والظليم عندهم أصم. وحكى الجاحظ في كتاب الحيوان أنه يقال أصم من نعامة. وقد جاء في الشعر ما يدل على ذلك؛ قال أسامة بن الحارث الهذلي:
لعمري لقد أمهلت في نهى خالدٍ ... إلى الشام إما يعصينك خالد
وأمهلت في إخوانه فكأنما ... يسمع بالنهى النعام الشوارد
وقال علقمة: أسك ما يسمع الأصوات مصلوم وجاء بيت ينسب إلى طرفه فيه خلاف لهذا، وعندهم أن البيت مصنوع وهو.