رجع: يرى الضب الراكب فيقول لحسله: اتق الحارش فيمر الراكب عجلاً ومعه جراب عجوةٍ فيلقيه ويعجله السير عن أخذه، فيكون في ذلك الجراب معيشة للحسل وأبيه. وينام الوليد عند وجار الضبة المكون ومعه تمرات حشفات، فتخرج لتسرقهن منه فيصيدها بالسعى الهين؛ ويمد الظبي جيده إلى البرير وحتفه فيه. ويجذب الرهدن طمع في الحبة الواحدة، فيقع في ذات الحمام؛ فكن حين تذكر العبادة أخا وضاخٍ. غاية.
تفسير: المكون من الضباب: التي فيها بيضها وهو المكن؛ وفي حديث أبي وائلٍ شقيق بن سلمة: ضبة مكون أحب إلي من دجاجة سمينةٍ؛ وقال أبو الهندي:
ومكن الضباب طعام العري ... ب لا تشتهيه نفوس العجم
والرهدن: ضرب من العصافير؛ ومنه قيل للأحمق رهدن، شبه بالعصافير لخفته؛ قال الراجز:
قلت لها إياك أن توكني ... علي في الجلسة أو تلبنى
عليك ما عشت بذاك الرهدن توكني أي تتخذي لك وكناً مثل وكن الطائر فتثقلي علي في المجلس.
وتلبني: من اللبانة وهي الحاجة أي لا تطلبي حاجةً. والوضاخ: من واضخت الرجل إذا فعلت مثل ما يفعل.
رجع: كيف لا يشعر نطع الفم وقد مد صاحبه اليد إلى الذيفان فشربه. وليس لأبي الحفان علم بما أدعى لمجيزة الطعام، وإنما هي مجرى الهبيد، وحصى البيد، والشري والذبح والتنوم، ألم يضع النظم بمكان هو عنده منيع فسقاه الزاجل وحضنه الليل الأدهم، ثم حربه إياه ولد الأمة الفاجرة؛ ولو أمدة بالعلم الله لعلم كل ما ظهر وثاخ. غاية.
تفسير: نطع الفم: أعلاه. والذيفان: السم. والحفان: أولاد النعام. ومجيزة الطعام: الحوصلة. والنظم: بيض النعام. والزاجل: ماء الظليم، ويقال: هو ما يسيل من دبره على البيض إذا حضنه؛ قال ابن أحمر:
فما بيضات ذي لبدٍ هجفٍ ... سقين بزاجلٍ حتى روينا
وثاخ في الأرض: مثل ساخ، قال أبو ذؤيبٍ
قصر الصبوح لها فشرج لحمها ... بالى فهي تثوخ فيها الاصبع
رجع: تنزل القطاة إلى شرك الوليد وهي فرحى بما لاح لها من الرزق، فيقول أمرها معه إلى أحد ثلاثة أشياء: سحطٍ مزعفٍ، أو سجنٍ حرج، أو عذاب مبرح؛ فأمس بما فعل ربك راضياً. والبج على صفاء عينه وشدة حذره ووصية أبيه له باتقاء الأنيس، يرى العظم في خباء القوم فيحمله الشره على هجومه فيغير طمعاً في المكاكة، فإذا ظفر به ابتغى ما طلب فأخفق، وألفاه صفراً من القصيد والرير، وقد رآه الصبي فعرض له بعظم فيه صليب، فيحمله جشع النفس على كر الغارة، فيرميه فيطير جناحه، وهو بالأولى ما اتعظ وقد سلم فيها ودجه من المدية وجناحه من رزء المصيبة، لقد رماه القدر بائتلاخ. غاية.
تفسير: اسحط: الذبح السريع. والمزعف: من قولهم: أزعفه إذا قتله قتلاً سريعاً. ومبرح: من البرحاء وهي شدة الحزن والوجد في الحب والشوق. والبج فرخ الغراب؛ وفي حديث علي عليه السلام: " إنه لن يهيج على التقوى زرع قومٍ وإن الله يغذو المؤمن كما يغذو الغراب بحبه ". والمكاكة: المخ الذي يستخرج من العظم، يقال: منه امتكه يمتكه والقصيد: المخ الغليظ، وهو ضد الرير. والصليب: الودك. والائتلاخ: من قولهم: ائتلخ عليهم أمرهم إذا اختلط.
رجع: تبحث الضائنة فتثير ذات الجزأة فيعود بضيعها في البرمة وجلدها مع المنيئة، وصوفها عميتةً للوكعاء الراعية؛ ولن ترى من ربك معتصماً. وربما احترشت أساريع الظبي فخاض روضا عميماً أو جشم شأواً مغرباً أو جرى على العادة فلم يتغير له دين؛ وإنه ليرد الغدير فيرى فيه خيال نفسه وقد فقد قرينته منذ ليال فيظنها خياله، فيظل يدعوها بالنزيب ويوفى على النطفة الزرقاء فيجد ريح القانص فينفر ويركب معتسف الطريق فيقع في الحبالة، ولو رجع على قرواه كان أخرم؛ فالق عابد خالقك مكرماً. ويركب الفارس أشراً خلياً، وإنما هي خطوات فيوقص فينقل إلى أعواد المنية؛ فلا تخفر لله ذمماً. ويغدو الحاطب نشيطاً وفي يده المخلب وعلى عاتقه المسد؛ فيكون أكيل أسامة مع الشروق؛ فاملأ بذكر الله فماً. ويسر الفازر إذا انبت له جنا حان، ولو علم لجزع لهما جزع الآسي النطاسي من الداء النجيس، ولا يشعر الناسك ندما؛ فارتجز بحمد الله خير لك من رجز القلاح. غايةز