الْعَامِل على أُجْرَة عمله وَيسن التَّسْوِيَة بَين آحَاد الصِّنْف عِنْد تساوى الْحَاجَات إِلَّا أَن يقسم الإِمَام فَيحرم عَلَيْهِ التَّفْضِيل مَعَ تساوى الْحَاجَات لِأَنَّهُ نائبهم فَلَا يفاوت بَينهم عِنْد تساوى حاجاتهم (من يفقد أردد سَهْمه للباقية) أَي من يفقد من الْأَصْنَاف غير الْعَامِل أَو من آحَاد صنف بِأَن لم يُوجد مِنْهُ إِلَّا وَاحِد أَو أثنان ارْدُدْ سَهْمه وجوبا لبَقيَّة الْأَصْنَاف فِي الأولى وَمن الصِّنْف فِي الثَّانِيَة فَلَا ينْقل إِلَى غَيرهم لانحصار الِاسْتِحْقَاق فيهم وَلِأَن عدم الشَّيْء بموضعه كَالْعدمِ الْمُطلق كَمَا فِي عدم المَاء الْمُبِيح للتيمم وَلَيْسَ هَذَا كَمَا لَو أوصى لإثنين فَرد أَحدهمَا حَيْثُ يكون الْمَرْدُود للْوَرَثَة لَا للْآخر لِأَن المَال للْوَرَثَة لَوْلَا الْوَصِيَّة وَهِي تبرع فَإِذا لم تتمّ أَخذ الْوَرَثَة المَال وَالزَّكَاة حق لزمَه فَلَا يرد إِلَيْهِ وَلِهَذَا لَو لم تُوجد المستحقون لم تسْقط الزَّكَاة بل توقف حَتَّى يوجدوا أَو يُوجد بَعضهم وَلَو فضل نصيب بَعضهم عَن كِفَايَته وَنقص نصيب بَعضهم بِبَعْض عَنْهَا لم ينْقل الْفَاضِل إِلَى ذَلِك الصِّنْف بل يرد إِلَى من نقص سَهْمه كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الرَّوْضَة وَأَصلهَا فَلَو أستغنى بَعضهم بِبَعْض الْمَرْدُود قسم الْبَاقِي بَين الْأَخيرينِ بِالسَّوِيَّةِ وَلَو زَاد نصيب جَمِيعهم على الْكِفَايَة أَو نصيب بَعضهم وَلم ينقص الْبَعْض الآخر نقل الْفَاضِل إِلَى ذَلِك الصِّنْف وَلما ذكر أَن أَصْنَاف الزَّكَاة ثَمَانِيَة شرع فِي تفصيلها فَقَالَ (فَقير العادم) أَي الْفَقِير هُوَ العادم لِلْمَالِ وَالْكَسْب الَّذِي يَقع موقعا من حَاجته كمن يحْتَاج إِلَى عشرَة وَلَا يملك أَو يكْتَسب إِلَّا دِرْهَمَيْنِ أَو ثَلَاثَة وَلَا يشْتَرط فِيهِ الزمانة وَلَا التعفف عَن المسئلة على الْجَدِيد وَلَا يمْنَع الْفقر مَسْكَنه وثيابه وَلَو للتجمل ورقيقه الْمُحْتَاج لَهُ لخدمته وَمَاله الْغَائِب فِي مرحلَتَيْنِ والمؤجل فَيَأْخُذ عفايته إِلَى حاوله وَكسب مُبَاح لَا يَلِيق بِهِ وَلَو كَانَ لَهُ مَال يستغرقه الدّين لم يُعْط كَمَا قَالَه الْبَغَوِيّ حَتَّى يصرفهُ فِي الدّين فَلَو اعْتَادَ السكنة بِالْأُجْرَةِ أَو فِي الْمدرسَة فَالظَّاهِر كَمَا قَالَه السبكى خُرُوجه عَن أسم الْفقر بِثمن الْمسكن وَلَو اشْتغل بِعلم شرعى وَالْكَسْب يمنعهُ ففقير أَو بالنوافل فَلَا وَكَذَا الْمُعَطل الْمُعْتَكف فِي مدرسة وَمن لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ تَحْصِيله مَعَ الْقُدْرَة على الْكسْب (والمسكين لَهُ مَا يَقع الْموقع دون تَكْمِلَة) أَي مَال أَو كسب مُبَاح لَائِق يَقع موقعا من كِفَايَته وَلَا يَكْفِيهِ كمن يملك أَو يكْسب سَبْعَة أَو ثَمَانِيَة وَلَا يَكْفِيهِ إِلَّا عشرَة فَهُوَ أحسن حَالا من الْفَقِير دلّ على ذَلِك قَوْله تَعَالَى {أما السَّفِينَة فَكَانَت لمساكين} وَقَوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اللَّهُمَّ أحيني مِسْكينا وأمتني مِسْكينا مَعَ انه كَانَ يتَعَوَّذ من الْفقر وَسَوَاء أَكَانَ مَا يملكهُ نِصَابا ام أقل أم أَكثر وَالْمُعْتَبر فِيمَا يَقع موقعا من حَاجته الْمطعم والملبس والمسكن وَسَائِر مَا لَا بُد مِنْهُ على مَا يَلِيق بِالْحَال من غير أسراف وَلَا تقتير للشَّخْص وَلمن هُوَ فِي نَفَقَته وَالْعبْرَة عِنْد الْجُمْهُور فِي عدم كِفَايَته بالعمر الْغَالِب بِنَاء على انه يعْطى ذَلِك وَأما مَا جزم بِهِ البغوى وَصَححهُ ابْن الصّلاح فِي فَتَاوِيهِ وَأفْتى بِهِ النووى فِي فَتَاوِيهِ غير الْمَشْهُورَة واستنبطه الأسنوى من كَلَامهم من أَن الْعبْرَة بِعَدَمِ كِفَايَته بِالسنةِ فَإِنَّمَا يأتى على قَول من قَالَ كالبغوى أَنه إِنَّمَا يعْطى كِفَايَة سنة قَالَ فِي الرَّوْضَة قَالَ الغزالى فِي الْأَحْيَاء لَو كَانَ لَهُ كتب فقه لم يُخرجهُ عَن المسكنة وَلَا تلْزمهُ زَكَاة الْفطر كأثاث الْبَيْت لِأَنَّهُ مُحْتَاج إِلَيْهَا وَالْكتاب يطْلب غَالِبا أما للتفرج بالمطالعة ككتب الشّعْر والتواريخ وَنَحْوهمَا مِمَّا لَا ينفع فِي الدَّاريْنِ فَهَذَا يمْنَع المسكنة وَأما للاستفادة كطب يعالج بِهِ نَفسه أَو وعظ يتعظ بِهِ فَإِن لم يكن فِي الْبَلَد طَبِيب وواعظ فَكَذَلِك وَإِلَّا فمستغن عَنهُ فَإِن كَانَ لَهُ من كتاب نسختان فَهُوَ مستغن عَن إِحْدَاهمَا فَإِن كَانَت إِحْدَاهمَا أصح وَالْأُخْرَى احسن بَاعَ الْأَحْسَن وَأَن كَانَتَا من علم وإحداهما وجيزة فَإِن كَانَ مَقْصُوده الاستفادة فليكتف بالبسيطة أَو التدريس احْتَاجَ إِلَيْهِمَا هَذَا كَلَام الغزالى وَالْمُخْتَار فِي الْوَعْظ أَنه لَا أثر لوُجُوده (وعامل كحاشر الْأَنْعَام) أَي الْعَامِل فِي الزَّكَاة ساع وَكَاتب وقاسم وحاشر بِجمع ذوى الْأَمْوَال أَو ذوى السهْمَان وعريف وحاسب وحافظ لِلْمَالِ وجندى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute