= (كتاب الصّيام) = هُوَ فِي اللُّغَة الْإِمْسَاك قَالَ تَعَالَى {فَقولِي إِنِّي نذرت للرحمن صوما} أَي أمساكا عَن الْكَلَام وَفِي الشَّرْع إمْسَاك مُسلم عَاقل مُمَيّز عَن المفطرات سَالم عَن الْحيض والولادة وَالنّفاس فِي جَمِيعه وَعَن الأغماء وَالسكر فِي بعضه وَالْأَصْل فِي وُجُوبه قبل الأجماع مَعَ مَا يأتى آيَة {كتب عَلَيْكُم الصّيام} وَخبر (بنى الْإِسْلَام على خمس) وَفرض فِي شعْبَان فِي السّنة الثَّانِيَة من اللهجرة وَقد ذكر النَّاظِم مَا يجب بِهِ صَوْم رَمَضَان فَقَالَ (يجب صَوْم رَمَضَان بِأحد أَمريْن باستكمال شعْبَان الْعدَد) وَهُوَ ثَلَاثُونَ يَوْمًا لخَبر (صُومُوا لرُؤْيَته وأفطروا لرُؤْيَته فَإِن غم عَلَيْكُم عدَّة فأكملوا عدَّة شعْبَان ثَلَاثِينَ يَوْمًا) (أَو رُؤْيَة الْعدْل) الْوَاحِد (هِلَال الشَّهْر) الْمَذْكُور لقَوْل ابْن عمر أخْبرت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنى رَأَيْت الْهلَال فصَام وَأمر النَّاس بصيامه وَالْمعْنَى فِي ثُبُوته بِوَاحِد الِاحْتِيَاط للصَّوْم وَالْمرَاد بِالْعَدْلِ عدل الشَّهَادَة لَا الرِّوَايَة وَلَا بُد من الْأَدَاء عِنْد القاضى وَمن لفظ الشَّهَادَة نعم يكْتَفى بِظَاهِر الْعَدَالَة كَمَا فِي الْمَجْمُوع وَهُوَ من لم يزك عِنْد الْحَاكِم وَيجب الْعدَد فِي الشَّهَادَة على الشَّهَادَة بِهِ وَأَن لم تتَوَقَّف على دَعْوَى لكَونهَا شَهَادَة حسبَة هَذَا كُله بِالنِّسْبَةِ للْوُجُوب الْعَام فَلَا يُنَافِيهِ وجوب الصَّوْم على انْفَرد بِرُؤْيَتِهِ وَلَو فَاسِقًا وَلَا من عرفه بِحِسَابِهِ أَو تنجيمه وَلَا من أخبرهُ من يَثِق بِرُؤْيَتِهِ واعتقا صَدَقَة ويكفى الشَّاهِد أَن يَقُول أشهد أَنى رَأَيْت الْهلَال وَإِن كَانَت شَهَادَة على فعل نَفسه وَخرج برمضان غَيره فَلَا يثبت بِوَاحِد وَالصَّوْم غَيره كوقوع مَا علق من طَلَاق وَنَحْوه بالهلال وحلول الدّين بِهِ فَلَا يثبت بِوَاحِد فِي حق غير الرائى وَقَول الرافعى لَو قيل هلا يثبت ضمنا كَمَا يثبت شَوَّال بِثُبُوت رَمَضَان بِوَاحِد وَالنّسب وَالْإِرْث وَيثبت الْولادَة بِالنسَاء لأحوج إِلَى الْفرق يُقَال عَلَيْهِ قد فرق وَهُوَ فِي الشَّهَادَات بِأَن الضمنى فِي هَذِه الْأُمُور لَازم للْمَشْهُود بِهِ بِخِلَاف الطَّلَاق وَنَحْوه والأمارة الظَّاهِرَة الدَّالَّة فِي حكم الرُّؤْيَة مثل أَن يرى أهل الْقرى الْقَنَادِيل الْمُعَلقَة بمنابر الْمصر لَيْلَة الثَّلَاثِينَ من شعْبَان كَمَا هُوَ الْعَادة وَسَمَاع الطبول الجارى بهَا عَادَة تِلْكَ الْبَلدة أَو إيقاد النَّار على رُءُوس الْجبَال وَخرج بِهِ أَيْضا مَا لَو أخبر بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شخصا فِي الْمَنَام فَلَا يَصح الصَّوْم بِهِ بِالْإِجْمَاع لاختلاط ضبط الرائى لَا للشَّكّ فِي الرُّؤْيَة وَشَمل ثُبُوته بِعدْل أَو عَدْلَيْنِ مَا لَو قَالَ الْحساب لَا تمكن رُؤْيَته لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ألغى قَوْلهم بقوله إِنَّا أمة أُميَّة لَا نكتب وَلَا نحسب الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَلَا يكره ذكر رَمَضَان بِغَيْر شهر كَمَا صَوبه فِي الْمَجْمُوع وَإِذا ثَبت رَمَضَان بِرُؤْيَة الْهلَال بمَكَان ثَبت فِي حق من قرب مِنْهُ دون من بعد وَقد نبه على الْقَرِيب بقوله (فِي حق من دون مسير الْقصر) أَي مسافته من مَحل الرُّؤْيَة لِأَن من بِدُونِهَا كالحاضر بِدَلِيل الْقصر وَالْفطر وَغَيرهمَا بِخِلَاف من فَوْقه وَهَذَا مَا صَححهُ الرَّافِعِيّ فِي الْمُحَرر وَالشَّرْح الصَّغِير وَالنَّوَوِيّ فِي شرح مُسلم وَصحح فِي بَقِيَّة كتبه اعْتِبَار الْمطَالع إِذْ لَا تعلق للرؤية بمسافة الْقصر فَيثبت حكمه فِي حق من بمَكَان اتَّحد مطلعه بمطلع مَكَان الرُّؤْيَة دون غَيره فان شكّ فِي اتحاده فَلَا وجوب لِأَن الأَصْل عَدمه نعم يلْزم من رُؤْيَته بالمشرق رُؤْيَته بالمغرب بِخِلَاف الْعَكْس فرؤيته بِالشَّام لكَونهَا غربية بِالنِّسْبَةِ للمدينة لَا تَسْتَلْزِم رُؤْيَته بِالْمَدِينَةِ وَإِذا صمنا بِعدْل وَلم نر الْهلَال بعد ثَلَاثِينَ افطرنا وَإِن كَانَت السَّمَاء مصحبة لكَمَال الْعدة اذ الشَّيْء يثبت ضمنا بِمَا لَا يثبت ره أصلا بِدَلِيل ثُبُوت النّسَب وَالْإِرْث ضمنا للولادة بِشَهَادَة النِّسَاء عَلَيْهَا كَمَا مر وَمن سَافر من بلد الرُّؤْيَة إِلَى الْبَلَد الْبعيد فَالْأَصَحّ أَنه يوافقهم فِي الصَّوْم آخرا لِأَنَّهُ صَار مِنْهُم وَمن سَافر من الْبَلَد الآخر إِلَى بلد الرُّؤْيَة عيد مَعَهم وَقضى يَوْمًا إِن صَامَ ثَمَانِيَة وَعشْرين يَوْمًا وَإِلَّا فَلَا قَضَاء عَلَيْهِ وَمن أصبح معيدا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute