فسارت سفينته إِلَى بَلْدَة بعيدَة أَهلهَا صِيَام فَالْأَصَحّ أَنه يمسك بَقِيَّة الْيَوْم وتتصور الْمَسْأَلَة بِأَن يكون ذَلِك الْيَوْم يَوْم الثَّلَاثِينَ من صَوْم أهل البلدين لَكِن المتنقل إِلَيْهِم لم يروه وَبِأَن يكون التَّاسِع وَالْعِشْرين من صومهم لتأخر ابْتِدَائه بِيَوْم ورؤية الْهلَال نَهَارا لَا أثر لَهَا وَمن انْفَرد بِرُؤْيَة هِلَال شَوَّال لزمَه مقتضاها وأخفى فطره لئلايتهم وَلَا تقبل شَهَادَته بعده لتهمة دفع تعزيره بِخِلَاف مَا لَو شهد فَردَّتْ شَهَادَته ثمَّ أكل لَا يعزز لعدم التمهة حَالَة الشَّهَادَة ثمَّ شرع فِي ذكر من يجب عَلَيْهِ صَوْم رَمَضَان فَقَالَ (وَإِنَّمَا الْفَرْض) أَي فرض صَوْم رَمَضَان (على شخص قدر عَلَيْهِ مُسلم مُكَلّف أَي بَالغ عَاقل (طهر) عَن حيض ونفاس بِخِلَاف الْعَاجِز عَنهُ لكبر أَو مرض لَا يُرْجَى لَهُ بُرْؤُهُ فَلَا يجب عَلَيْهِ وَتجب عَلَيْهِ الْفِدْيَة كَمَا سيأتى وَبِخِلَاف الْكَافِر فَلَا يجب عَلَيْهِ وجوب مُطَالبَة بِهِ فِي الدُّنْيَا لعدم صِحَّته مِنْهُ ان وَجب عَلَيْهِ وجوب عِقَاب فِي الْآخِرَة لتمكنه من فعله بِالْإِسْلَامِ وَلَا قَضَاء عَلَيْهِ إِذا أسلم ترغيبا لَهُ فى الأسلام وَيلْزم الْمُرْتَد إِذا عَاد إِلَى الأسلام قَضَاء مَا فَاتَهُ فِي زمن الرِّدَّة حَتَّى زمن جُنُونه اَوْ أغمائه فِيهَا لالتزامه بِالْإِسْلَامِ وَيلْزم الْقَضَاء من تعدى بسكره وَبِخِلَاف الصَّبِي وَالْمَجْنُون لعدم تكليفهما وَيُؤمر بِهِ الطِّفْل لسبع إِذا أطاقه وميز وَيضْرب على تَركه لعشر كَالصَّلَاةِ بحلاف الْحَائِض وَالنُّفَسَاء لعدم صِحَة الصَّوْم مِنْهُمَا وَيجب عَلَيْهِمَا قَضَاء مَا فاتهما فِي زمن الرِّدَّة وَالسكر (وَشرط) صَوْم (نفل) وَمرَاده بِالشّرطِ مَا لَا بُد مِنْهُ فَيشْمَل الرُّكْن كَمَا هُنَا (نِيَّة للصَّوْم) بِالْقَلْبِ كَالصَّلَاةِ وَلخَبَر (إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ) (قبل زَوَالهَا) أَي الشَّمْس وَأعَاد الضَّمِير عَلَيْهَا وَإِن لم يتَقَدَّم لَهَا ذكر للْعلم بهَا (لكل يَوْم) وَأَن لم ينْو لَيْلًا لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا يَوْمًا هَل عنْدكُمْ من غداء قَالَت لَا قَالَ فإنى إِذا أَصوم قَالَت وَقَالَ لي يَوْمًا آخر أعندكم شئ قلت نعم قَالَ إِذا أفطر وَإِن كنت فرضت الصَّوْم رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَصحح إِسْنَاده واختص بِمَا قبل الزَّوَال للْخَبَر إِذْ الْغَدَاء بِفَتْح الْغَيْن اسْم لما يُؤْكَل قبل الزَّوَال وَالْعشَاء اسْم لما يُؤْكَل بعده وَلِأَنَّهُ ضبوط بَين ولإدراك مُعظم النَّهَار بِهِ كَمَا فِي رَكْعَة الْمَسْبُوق وَهَذَا جرى على الْغَالِب مِمَّن يُرِيد صَوْم النَّفْل وَإِلَّا فَلَو نوى قبل الزَّوَال وَقد مضى مُعظم النَّهَار صَحَّ صَوْمه وَالأَصَح ان صَوْمه من اول النَّهَار حَتَّى يُثَاب على جميعيه اذ صَوْم الْيَوْم لَا يُمكن تبعيضه كَمَا فِي الرَّكْعَة بِإِدْرَاك الرُّكُوع فَلَا بُد من إجتماع الشَّرَائِط أَوله وَلَو تمضمض وَلم يُبَالغ فَسبق المَاء جَوْفه صحت نِيَّته بعده وَإِنَّمَا اشْترطت النِّيَّة لكل يَوْم لِأَنَّهُ عبَادَة لتخلل البومين بِمَا يُنَاقض الصَّوْم كالصلاتين يتخللهما السَّلَام (وَإِن يكن صَوْمه (فرضا) رَمَضَان أَو غَيره (شرطنا نِيَّته) أَي الْفَرْض حَالَة كَونهَا (قد عينت) كَقَوْلِه من رَمَضَان كَمَا فِي الصَّلَاة وَكَمَال التَّعْيِين فِيهِ ان ينوى صَوْم غَد عَن أَدَاء فرض رَمَضَان هَذِه السّنة لله تَعَالَى وَفِي الْأَدَاء والفرضية فِي رَمَضَان وَالْإِضَافَة إِلَى الله تَعَالَى الْخلاف الْمَذْكُور فِي الصَّلَاة لَكِن صحّح فِي الْمَجْمُوع عدم اشْتِرَاط نيه الْفَرْضِيَّة فِي رَمَضَان فَلَو أطلق النِّيَّة كَمَا لَو اقْتصر على نِيَّة صَوْم الْغَد لم يَصح وَكَذَا لَو أَخطَأ فِي التَّعْيِين فَنوى فِي رَمَضَان قَضَاء أَو كَفَّارَة وَلَا يشْتَرط تَقْيِيد رَمَضَان بِالسنةِ والشهر لإغناء التبييت عَنهُ بل لَو أَخطَأ فِي صفة الْمعِين فَنوى الْغَد وَهُوَ الْأَحَد بِظَنّ الأثنين أَو رَمَضَان سنته وهى سنة اثْنَيْنِ بِظَنّ سنة ثَلَاث صَحَّ بِخِلَاف مَا لَو نوى الْحَد لَيْلَة الثنين أَو رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ فِي سنة ثَلَاث لِأَنَّهُ لم يعين الْوَقْت وَلَا يشْتَرط التَّعْيِين فِي النَّفْل الْمُؤَقت وَمَاله سَبَب بِخِلَاف الصَّلَاة لِأَن الصَّوْم فِي الْأَيَّام المتأكد صَومهَا منصرف إِلَيْهَا بل لَو نوى بِهِ غَيرهَا حصلت كتحية الْمَسْجِد لِأَن الْمَقْصُود وجود صَوْم فِيهَا وَلَو كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء رمضانين فَنوى صَوْم غَد عَن قَضَاء رَمَضَان جَازَ وَإِن لم يعين كَونه عَن قَضَاء أَيهمَا لِأَنَّهُ كُله جنس وَاحِد وَكَذَا إِذا كَانَ عَلَيْهِ صَوْم نذر من جِهَات مُخْتَلفَة فَنوى صَوْم النّذر جَازَ وَإِن لم يعين نَوعه وَكَذَا الْكَفَّارَات (من لَيْلَة) أَي شرطنا نِيَّة الْفَرْض (مبينَة) من لَيْلَة كل يَوْم وَإِن كَانَ الناوى صَبيا لخَبر (من لم يبيت الصّيام قبل الْفجْر فَلَا صِيَام لَهُ) رَوَاهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute