حَيْثُ إِنَّه لَيْسَ عَلَيْهِ فرض عين وجهة فرض كِفَايَة من حَيْثُ إحْيَاء الْكَعْبَة وَفِيه كَمَا قَالَه الزَّرْكَشِيّ الْتِزَام السُّؤَال إِذْ لم يخلص لنا حج تطوع على حِدته (وكذاك الْعمرَة) فرض على المستطيع لقَوْله تَعَالَى {وَأَتمُّوا الْحَج وَالْعمْرَة لله} أَي ائْتُوا بهما تامين وَلَا يغنى عَنْهَا الْحَج وَإِن اشْتَمَل عَلَيْهَا وَيُفَارق الْغسْل حَيْثُ يغنى عَن الْوضُوء بِأَن الْغسْل أصل إِذْ هُوَ الأَصْل فِي حق الْمُحدث وَإِنَّمَا حط إِلَى الْأَعْضَاء الْأَرْبَعَة تَخْفِيفًا فأغنى عَن بدله وَالْحج وَالْعمْرَة أصلان (لم يجبا فِي الْعُمر غير مرّة) وَاحِدَة ووجوبهما أَكثر من مرّة بِنذر أَو قَضَاء عَارض ووجوبهما على التَّرَاخِي وتضيقهما بِنذر أَو بخوف عضب أَو بِقَضَاء لزمَه عَارض ثمَّ جَوَاز تأخيرهما وكل وَاجِب موسع مَشْرُوط بالعزم على الْفِعْل فِي الْمُسْتَقْبل وَشرط صحه كل مِنْهُمَا الْإِسْلَام فَقَط فللولي فِي المَال أَن يحرم عَن الصَّبِي أَو الْمَجْنُون وَيصِح إِحْرَام الْمُمَيز بِإِذن وليه وَإِنَّمَا تصح مُبَاشَرَته من مُسلم مُمَيّز وَإِنَّمَا يَقع عَن فرض الْإِسْلَام بِالْمُبَاشرَةِ إِذا بَاشرهُ الْمُكَلف الْحر فيجزىء من الْفَقِير دون الصَّبِي وَالرَّقِيق إِذا كملا بعده (وَإِنَّمَا يلْزم حرا) دون الرَّقِيق مُدبرا أَو مكَاتبا أَو مبعضا أَو أم ولد لنقصه (مُسلما) فَلَا يجبان على كَافِر وجوب مُطَالبَة فِي الدُّنْيَا وَإِن وَجب عَلَيْهِ وجوب عِقَاب فِي الْآخِرَة حَتَّى لَو اسْتَطَاعَ حَالَة كفره ثمَّ أسلم وَهُوَ مُعسر لم يجب عَلَيْهِ إِلَّا أَن يكون مُرْتَدا فيستقر فِي ذمَّته باستطاعته فِي الرِّدَّة (كلف) فَلَا يجبان على صبي لرفع الْقَلَم عَنهُ (ذَا استطاعة) أَي يعْتَبر فِي لزومهما الِاسْتِطَاعَة لقَوْله تَعَالَى {من اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} وَهِي نَوْعَانِ استطاعة مُبَاشرَة واستطاعة تحصيلهما بِغَيْرِهِ وَقد ذكر النَّاظِم الأولى بقوله (لكل مَا يحْتَاج من مَأْكُول أَو مشروب) بدرج الْهمزَة للوزن أَي وملبوس وأوعيتهما حَتَّى السفرة الَّتِي يَأْكُل عَلَيْهَا فِي ذَهَابه وإيابه (إِلَى رُجُوعه) إِلَى وَطنه وَإِن لم يكن لَهُ بِهِ أهل وعشيرة لما فِي الغربة من الوحشة وانتزاع النُّفُوس إِلَى الأوطان فَلَو لم يجد مَا ذكر لَكِن كَانَ يكْسب فِي سَفَره مَا يَفِي بمؤنته وسفره طَوِيل أَي مرحلتان فَأكْثر لم يُكَلف الْحَج لِأَنَّهُ قد يَنْقَطِع عَن الْكسْب لعَارض وَبِتَقْدِير أَن لَا يَنْقَطِع عَنهُ فالجمع بَين تَعب السّفر وَالْكَسْب تعظم فِيهِ الْمَشَقَّة وَإِن قصر سَفَره وَهُوَ يكْسب فِي يَوْم كِفَايَة سِتَّة أَيَّام كلف الْحَج بِأَن يخرج لَهُ لقلَّة الْمَشَقَّة فِيهِ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ لَا يكْسب فِي يَوْم إِلَّا كِفَايَة يَوْمه فَلَا يلْزمه لِأَنَّهُ قد يَنْقَطِع عَن كَسبه فِي أَيَّام الْحَج فيتضرر (وَمن مركوب لَاق بِهِ) بِأَن يصلح لمثله وَيثبت عَلَيْهِ وَيكون شِرَاؤُهُ بِثمن مثله أَو استئجاره بِأُجْرَة مثله هَذَا إِن كَانَ بَينه وَبَين مَكَّة مرحلتان أَو دونهمَا وَضعف عَن الْمَشْي وَسَوَاء أقدر الأول على الْمَشْي أم لَا وركوبه أفضل من مَشْيه لَكِن ينْدب لَهُ الرّكُوب على القتب والرحل دون الْمحمل والهودج فَإِن لحقه بالركوب مشقة شَدِيدَة اشْترط وجود محمل وَشريك يجلس فِي الشق الآخر فَإِن فقد الشَّرِيك لم يلْزمه الْحَج وَإِن وجد مُؤنَة الْمحمل بِتَمَامِهِ وَلَو لحقه مشقة عَظِيمَة فِي ركُوب الْمحمل اعْتبر فِي حَقه الْكَنِيسَة أما الْمَرْأَة فَيعْتَبر فِي حَقّهَا الْمحمل مُطلقًا لِأَنَّهُ أستر لَهَا وَأما من بَينه وَبَين مَكَّة دون مرحلَتَيْنِ وَهُوَ قوي على الْمَشْي فَيلْزمهُ الْحَج وَلَا يعْتَبر فِي حَقه وجود المركوب وَلَا بُد فِيمَا مر من كَونه فَاضلا عَن دينه وَمؤنَة ممونه مُدَّة ذَهَابه وإيابه وَسَوَاء أَكَانَ الدّين حَالا أم مُؤَجّلا إِذْ وَفَاء الأول ناجز وَالْحج على التَّرَاخِي وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ إِذا صرف مَا مَعَه لِلْحَجِّ فقد لَا يجد مَا يَقْتَضِيهِ مِنْهُ بعد حُلُوله وَقد تخترمه الْمنية فَتبقى ذمَّته مرتهنة وَلَو كَانَ مَاله فِي ذمَّة إِنْسَان فَإِن أمكنه تَحْصِيله فِي الْحَال فكالحاصل وَإِلَّا فكالمعدوم وَلَا بُد من كَونه فَاضلا عَن مَسْكَنه ورقيق يحْتَاج إِلَيْهِ لخدمته لزمانته أَو منصبه وَمحل ذَلِك إِذا كَانَت الدَّار مستغرقة لِحَاجَتِهِ وَكَانَت سُكْنى مثله وَالرَّقِيق رَقِيق مثله وَأما إِذا أمكن بيع بعض الدَّار وَالرَّقِيق ووفى ثمنه بمؤنة الْحَج أَو كَانَا نفيسين لَا يليقان بِمثلِهِ وَلَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute