للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بَاب الْبُغَاة) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

جمع بَاغ سموا بذلك لمجاوزتهم الْحَد وَقيل لطلب الاستعلاء وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} الْآيَة وَلَيْسَ فِيهَا ذكر الْخُرُوج على الإِمَام لَكِنَّهَا تشمله لعمومها أَو تَقْتَضِيه لِأَنَّهُ إِذا طلب الْقِتَال لبغى طَائِفَة على طَائِفَة فللبغي على الإِمَام أولى وَأجْمع الصَّحَابَة على قِتَالهمْ وَهُوَ وَاجِب فَإِن رجعُوا إِلَى الطَّاعَة قبلت تَوْبَتهمْ وَترك قِتَالهمْ وَأطلق الْأَصْحَاب أَن الْبَغي لَيْسَ بأسم دم وَأَن الْبُغَاة لَيْسُوا فسقة كَمَا أَنهم لَيْسُوا كفرة لكِنهمْ مخطئون فِي تأويلهم وَبَعْضهمْ سماهم عصاة وَقَالَ لَيْسَ كل مَعْصِيّة فسقا وعَلى الأول فالتشديدات فِي مُخَالفَة الإِمَام كَخَبَر من حمل علينا السِّلَاح فَلَيْسَ منا وَخبر من فَارق الْجَمَاعَة قيد شبر فقد خلع ربقة الْإِسْلَام من عُنُقه مَحْمُولَة على الْمُخَالف بِلَا عذر وَلَا تَأْوِيل (مخالفو الإِمَام) الْأَعْظَم بِخُرُوج عَلَيْهِ وَترك الانقياد لَهُ أَو منع حق توجه عَلَيْهِم وَسَوَاء أَكَانَ قصاصا أم حدا أم مَالا كَالزَّكَاةِ كَمَا هُوَ معنى قَوْله الآتى مَعَ الْمَنْع لأشيا لَازمه وَسَوَاء أنصبت لَهَا إِمَامًا أم لَا وَسَوَاء أَكَانَ إمامنا عادلا أم جائرا لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِل بالجور (إِذْ تأولوا شَيْئا) أَي لأجل أَن تأويلوا تَأْوِيلا (يسوغ) تَأْوِيله ويعتقدون بِهِ جَوَاز الْخُرُوج على الإِمَام (وَهُوَ ظن بَاطِل) أَي ظَنِّي الْبطلَان كتأويل الخارجين على على رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُ يعرف قَتله عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَيقدر عَلَيْهِم وَلَا يقْتَصّ مِنْهُم لمواطأته إيَّاهُم وَتَأْويل بعض مانعي الزَّكَاة عَن أبي بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ بِأَنَّهُم لَا يدْفَعُونَ الزَّكَاة إل لمن صلَاته سكن لَهُم وَهُوَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَخرج بذلك المخالفون بِغَيْر تَأْوِيل كمانعي حق الشَّرْع كَالزَّكَاةِ عنادا أم بِتَأْوِيل بَاطِل قطعا كتأويل الْمُرْتَدين فليسوا كالبغاة وَكَذَا الْخَوَارِج وهم صنف من المبتدعة يكفرون من أَتَى كَبِيرَة ويطعنون بذلك من الْأَئِمَّة وَلَا يحْضرُون مَعَهم فِي الْجُمُعَة وَالْجَمَاعَات وحكمهم أَنهم إِن لم يقاتلوا وَكَانُوا فِي قَبْضَة الإِمَام تركُوا نعم إِن تضررنا بهم تعرضنا لَهُم حَتَّى يَزُول الضَّرَر ثمَّ إِن صَرَّحُوا بِسَبَب الإِمَام أَو وَاحِدًا منا عزروا وَإِن عرضوا بِهِ فَلَا وَإِن قَاتلُوا فهم فسقة وَأَصْحَاب نهب فحكمهم حكم قطاع الطَّرِيق إِن قصدُوا إخافة الطَّرِيق (مَعَ شَوْكَة) لَهُم بِحَيْثُ (يُمكنهَا المقاومة لَهُ) أَي للأمام وَيحْتَاج الإِمَام إِلَى احْتِمَال كلفة من بذل مَال وإعداد رجال وَنصب قتال ليردهم إِلَى الطَّاعَة وَاسْتغْنى المُصَنّف بِالشَّوْكَةِ عَن اشْتِرَاط مُطَاع فيهم لِأَنَّهَا لَا تحصل إِذا لم يكن لَهُم متبوع مُطَاع إِذْ لَا قُوَّة لمن لم يجمع كلمتهم مُطَاع وَخرج بذلك مَا إِذا كَانُوا أَفْرَاد يسهل الظفر بهم فليسوا بغاة وللبغاة حكم أهل الْعدْل فِي قبُول شَهَادَتهم ونفوذ قَضَاء قاضيهم وَالْحكم بِسَمَاع الْبَيِّنَة واستيفائهم حُقُوق الله تَعَالَى والعباد وصرفهم سهم المرتزقة إِلَى جندهم وَعدم ضَمَان مَا أتلفوه بِسَبَب الْقِتَال من نفس أَو مَال وَحكم ذَوي الشَّوْكَة بِلَا تَأْوِيل حكم الْبُغَاة فِي الضَّمَان (مَعَ الْمَنْع لأشيا) بِالْقصرِ للوزن (لَازمه) أَي مَعَ منع حق لَزِمَهُم وعَلى الإِمَام أَن لَا يقاتلهم حَتَّى ينذرهم وَيَنْبَغِي أَن يبْعَث لَهُم أَمينا فطنا ناصحا يسألهم مَا ينقمون فَإِن ذكرُوا مظْلمَة أَو شُبْهَة أزالها فَإِن أصروا بعد الْإِزَالَة وعظهم وَأمرهمْ بِالْعودِ إِلَى الطَّاعَة ثمَّ أعلمهم بِالْقِتَالِ فَإِن اسْتمْهلُوا فِيهِ اجْتهد وَفعل مَا رَآهُ صَوَابا فَإِن ظهر لَهُ أَن استمهالهم للتأويل فِي إِزَالَة الشُّبْهَة أمهلهم أَو لاستلحاق مدد لم يمهلهم وَإِذا قَاتلهم دفعهم بالأخف فالأخف فَإِن أمكن أسر فَلَا قتل أَو أثخان فَلَا تذفيف فَإِن التحم الْحَرْب وَاشْتَدَّ الْخَوْف دفعهم بِمَا يُمكن وَيلْزم الْوَاحِد منا مصابرة اثْنَيْنِ من الْبُغَاة وَلَا يُولى عَنْهُمَا إِلَّا متحرفا الْقِتَال أَو متحيزا إِلَى فِئَة (وَلم يُقَاتل مُدبر مِنْهُم) للنَّهْي عَنهُ

<<  <   >  >>