للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَتْل والصلب بِخِلَاف مَا لَو تَابَ بعْدهَا لمَفْهُوم الْآيَة ولتهمة الْخَوْف وَلَا يسْقط بهَا حُقُوق الْآدَمِيّ من قَود وَضَمان مَال فللولي الْقود وَالْعَفو على مَال أَو مجَّانا وَمثل الْحَد فِيمَا ذكر التَّعْزِير وَأفهم كَلَامه أَن التَّوْبَة لَا تسْقط بَاقِي الْحُدُود كَحَد الزِّنَا وَالسَّرِقَة وَالْقَذْف فِي حق قَاطع الطَّرِيق وَغَيره إِلَّا قتل تَارِك الصَّلَاة فَأَنَّهُ يسْقط بِالتَّوْبَةِ وَلَو بعد رَفعه إِلَى الْحَاكِم لِأَن مُوجبه الْإِصْرَار على التّرْك لَا التّرْك الْمَاضِي (وَغير قتل فرقن) أَي إِذا اجْتمع على شخص عقوبتان فَأكْثر غير قتل فرقت وجوبا فَلَو اجْتمع عَلَيْهِ حد قذف وَقطع أَو حد قذف لاثْنَيْنِ فرق بَينهمَا حَتَّى يبرأ من الأول لِئَلَّا يهْلك بالموالاة أما الْقَتْل فيوالي بَينه وَبَين غَيره لِأَن النَّفس مستوفاة وَقدم غير الْقَتْل عَلَيْهِ وَإِن تقدم الْقَتْل ليحصل الْجمع بَين الْحَقَّيْنِ فيجلد ثمَّ يقطع ثمَّ يقتل ويبادر بقتْله بعد قطعه لَا قطعه بعد جلده لما مر فَلَو أخر مُسْتَحقّ الْجلد حَقه فعلى الآخرين الصَّبْر إِلَى أَن يسْتَوْفى فَلَا يقطع وَلَا يقتل قبل الْجلد وَلَو أخر مُسْتَحقّ الطّرف حَقه جلد وعَلى مُسْتَحقّ النَّفس الصَّبْر حَتَّى يسْتَوْفى الطّرف حَقه حذرا من فَوَاته فَإِن بَادر بقتْله فلمستحق الطّرف دِيَته لفَوَات اسْتِيفَائه (وَقدم حق الْعباد) أَي إِن كَانَ فِي الْعُقُوبَات حق لله تَعَالَى وَحقّ للعباد وَلم يكن فِيهَا قتل أَو لم يكن فِيهَا إِلَّا الْقَتْل قدم مَا للعباد على مَاله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَا لله أخف لبِنَاء حَقهم على المشاحة وَحُقُوق الله على الْمُسَامحَة فَيقدم حد الْقَذْف على حد الشّرْب وَالزِّنَا وَيقدم قتل الْقصاص على قتل الزِّنَا (فالأخف موقعا) أَي إِن تمحضت لله تَعَالَى أَو لِلْعِبَادَةِ قدم الأخف فالأخف موقعا فَمن زنى وَشرب وسرق قدم حد الشّرْب ثمَّ الزِّنَا ثمَّ قطع السّرقَة وَلَا يوالي بَينهمَا كَمَا مر وَمن قذف وَقطع عضوا حد للقذف ثمَّ قطع (فالأسبق الأسبق) أَي إِن اسْتَوَت خفَّة وغلظا قدم الأسبق فالأسبق كَمَا لَو قذف جمَاعَة على التَّرْتِيب فَيحد للْأولِ فَالْأول وكما لَو قتل جمَاعَة مُرَتبا يقتل بِالْأولِ وللباقين الدِّيات (ثمَّ اقرعا) هُوَ فعل أَمر وألفه بدل من نون التوكيد أَو مَاض مَبْنِيّ للْمَفْعُول وألفه للإطلاق أَي إِن لم يكن السَّبق معينا بِأَن وَقعت مَعًا أوشك فِي الْمَعِيَّة أَو علم سبق وَلم يعلم عين السَّابِق أَقرع وجوبا ويستوفى من خرجت لَهُ الْقرعَة وَتجب الدِّيَة للباقين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - (بَاب حد الْخمر) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الأَصْل فِي تَحْرِيم الشّرْب قَوْله تَعَالَى {إِنَّمَا الْخمر وَالْميسر} الْآيَة وَخبر الشَّيْخَيْنِ كل شراب أسكر فَهُوَ حرَام وَخبر مُسلم كل مُسكر خمر وكل خمر حرَام وَكَانَت مُبَاحَة فِي صدر الْإِسْلَام وَلَو إِلَى حد يزِيل الْعقل وَكَانَت إباحتها باستصحاب لحلها فِي الْجَاهِلِيَّة أحد وَكَانَ تَحْرِيمهَا فِي السّنة الثَّانِيَة من الْهِجْرَة بعد وَهِي بِإِجْمَاع المتخذة من عصير الْعِنَب وَأما وُقُوعهَا فِي سَائِر الأنبذة فمجاز بِنَاء على أَن اللُّغَة لَا تثبت بِالْقِيَاسِ (يحد كَامِل) أَي الْبَالِغ الْعَاقِل الْمُخْتَار الْعَالم بِالتَّحْرِيمِ الْمُلْتَزم للْأَحْكَام بِإِسْلَام (لشرب مُسكر) جنسه من خمر أَو غَيره وَإِن لم يسكر الْقدر المشروب مِنْهُ (بِأَرْبَعِينَ جلدَة) أَي بِأَن يضْربهُ الإِمَام أَرْبَعِينَ جلدَة بِسَوْط أَو غَيره وَهَذَا فِي الْحر أما غَيره فعلى النّصْف من ذَلِك وَفِي معنى شربه أكله بِأَن كَانَ ثخينا أَو أكله بِخبْز أَو طبخ بِهِ لَحْمًا وَأكل مرقة فَخرج بذلك أكل اللَّحْم الْمَطْبُوخ بِهِ لذهاب الْعين فِيهِ وَأكل أَو شرب مَا اخْتَلَط بِهِ واستهلك هُوَ فِيهِ وَكَذَا الاحتقان والاستعاط وَخرج الصَّبِي وَالْمَجْنُون وَالْمكْره على تنَاوله وَخرج بالعالم بِالتَّحْرِيمِ الْجَاهِل لقرب عَهده بِالْإِسْلَامِ أَو بنشئه ببادية بعيدَة عَن الْعلمَاء فَلَا حد وبملتزم الْأَحْكَام أَي أَحْكَام الشّرْب وَغَيره الْكَافِر فَلَا يحد بِهِ وَبِمَا يسكر جنسه غَيره كالدواء المجنن فَلَا حد بتناوله وَيحرم

<<  <   >  >>