للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

@ الشائعة الَّتِي سعى أستاذنا فِي إِبْطَالهَا وتقليلها فَأبى الشَّيْخ الْمَذْكُور إِلَّا السَّعْي فِي إبقائها أَو تكثيرها فَإِن هَذَا الَّذِي اعتاده أهل هَذِه الْبَلدة من تَزْيِين الْجَنَائِز وَإِجَارَة ثِيَاب الزِّينَة لذَلِك من الْبدع السخيفة والمنكرات الْفَاحِشَة الَّتِي يُبَادر إِلَى إنكارها قُلُوب الْمُؤمنِينَ وَذَلِكَ أَن لمورد الْمَوْت الهادم للذات الفاضح للدنيا حَتَّى لم يدع لَهَا قدرا من القَوْل مَا يكبر عَن الْوَصْف والمجهز مُتَرَدّد بَين أَمريْن عظيمين يسَار بِهِ لَا يدْرِي إِلَى رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو حُفْرَة من حفر النَّار فَهَل يَلِيق بِهَذِهِ الْحَالة سوى الخضوع والانكسار وَهل تكون الزِّينَة فِيهَا والتزي فِيهَا بِذِي أهل السرُور والفرح إِلَّا من أعظم الْحمق وأبلغ السَّرف والسخف فَنَقُول مَا أفتى بِهِ شَيخنَا فِي ذَلِك هُوَ الصَّوَاب وَالْحق الَّذِي تشهد بِهِ أصُول الشَّرِيعَة ثمَّ أصل مذْهبه الَّذِي يُفْتِي عَلَيْهِ أما قَول هَذَا الرجل إِن هَذَا الْإِطْلَاق لَا يَصح لِأَن ذَلِك جَائِز فِي النِّسَاء بِدَلِيل جَوَاز تكفينهن فِي الْحَرِير فَيجوز إِجَارَته لذَلِك فقد أَخطَأ فِيهِ وَاحْتج بِغَيْر مُسلم لَهُ لِأَن تكفينهن فِي الْحَرِير حرَام أَيْضا على وَجه لنا صَحِيح مَذْكُور فِي زَوَائِد الْمُهَذّب تأليف صَاحب الْبَيَان قَالَ لِأَنَّهُ لَا زِينَة بعد الْمَوْت وَمن قَالَ تكفينهن فِي الْحَرِير غير حرَام فتخريج هَذَا الرجل مَا نَحن فِيهِ من تَزْيِين جنائزهن من ذَلِك تَخْرِيج بَاطِل لِأَن تكفينهن فِيهِ من قبيل لبسهن لَهُ وتزيين جنائزهن بِهِ من قبيل تنجيد بُيُوتهنَّ وتزيينها بتعليق الديباج وَقد حكى الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ فِي التَّبْصِرَة من غير خلاف أَن ذَلِك غير مُبَاح وَأَنه يَسْتَوِي فِيهِ الرِّجَال وَالنِّسَاء قَالَ لِأَن ذَلِك يقْصد بِهِ المراياة والمكاثرة أَو نقُول هُوَ من قبيل افتراشهن للحرير هُوَ حرَام على مَا قطع بِهِ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد الْجُوَيْنِيّ وَصَاحب التَّهْذِيب وَغَيرهمَا وَهُوَ الْوَجْه الصَّحِيح فِيهِ لِأَنَّهُنَّ استثنين فِي لبس الْحَرِير على الرِّجَال لما فِيهِ من تحسينهن لِأَزْوَاجِهِنَّ وتزينهن فِي أَعينهم مِمَّا لَا يحصل لَهُنَّ فِيهِ ذَلِك من ذَلِك فهن وَالرِّجَال فِيهِ سَوَاء وَمُوجب تَحْرِيمه يجمع الْفَرِيقَيْنِ وَهَذَا كَمَا أَنَّهُنَّ استثنين فِي جَوَاز التحلي بِالذَّهَب وَالْفِضَّة سوى بَينهُنَّ وَبَين الرِّجَال فِي تَحْرِيمه وَهَذَا وَاضح ثمَّ نقُول من جَوَاز افتراشهن للحرير فِي حَال الْحَيَاة فَلَا يلْزم من تجويزه ذَلِك تَجْوِيز تَزْيِين جنائزهن بِهِ ليَكُون هَذَا وَاقعا فِي حَالَة الْمَوْت الهادم للذات المنافية للتصنع والتزيين وَذَلِكَ وَاقع فِي حَال

<<  <  ج: ص:  >  >>