وَاعْلَم أَنه إِنَّمَا يعْتَبر الْقدح فِي الْمُنَاسبَة إِذا كَانَ مناسبته للنقيض وللحكم من وَجه وَاحِد وَأما إِن اخْتلف الْوَجْهَانِ فَلَا لِأَن الْوَصْف قد يكون لَهُ جهتان يُنَاسب بِأَحَدِهِمَا الحكم وبالأخرى نقيضه مِثَاله كَون الْمحل مشتهى يُنَاسب إِبَاحَة النِّكَاح لإراحة الخاطر ويناسب التَّحْرِيم لإراحة الطمع وَمِثَال آخر من العرفيات الْملك إِذا ظفر بعدوه فَإِنَّهُ مُنَاسِب لقَتله نفيا لعاديته وللإبقاء عَلَيْهِ وَالرَّدّ إِلَى ولَايَته إِظْهَارًا للقدرة وَعدم المبالاة بِمثلِهِ وَكِلَاهُمَا مِمَّا يَقْصِدهُ الْعُقَلَاء وَقد تلخص مِمَّا ذكرنَا أَن ثُبُوت النقيض مَعَ الْوَصْف نقض فَإِن زيد ثُبُوته بِهِ ففساد الْوَضع وَإِن زيد كَونه بِهِ وبأصل الْمُسْتَدلّ فَقلب وَبِدُون ثُبُوته مَعَه فالمناسبة من جِهَة وَاحِدَة قدح فِيهَا وَمن جِهَتَيْنِ لَا يعْتَبر
رَابِعهَا الْمَنْع وَهُوَ على أَرْبَعَة أضْرب
أَولهَا منع حكم الأَصْل
الثَّانِي منع وجوب الْوَصْف الَّذِي ادّعى الْمُسْتَدلّ أَنه الْعلَّة فِي الأَصْل
الثَّالِث منع كَونه عِلّة فِي الأَصْل
الرَّابِع منع وجوده فِي الْفَرْع
وَمِثَال ذَلِك فِيمَا إِذا قُلْنَا النَّبِيذ مُسكر فَكَانَ حَرَامًا قِيَاسا على الْخمر
فَقَالَ الْمُعْتَرض لَا نسلم تَحْرِيم الْخمر إِمَّا جهلا بالحكم أَو عنادا
فَهَذَا منع حكم الأَصْل وَلَو قَالَ لَا أسلم وجود الْإِسْكَار فِي الْخمر لَكَانَ هَذَا منع وجود الْمُدَّعِي عِلّة فِي الأَصْل وَلَو قَالَ لَا أسلم أَن الْإِسْكَار عِلّة التَّحْرِيم لَكَانَ هَذَا منع علية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute