للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَبُو حنيفَة يعْتَقد أَنَّهَا لَا تزوج نَفسهَا لصغرها إِذْ الْجَارِيَة إِنَّمَا تبلغ عِنْده لتسْع عشرَة وَفِي رِوَايَة لثماني عشرَة كالغلام فالعلتان موجودتان فِيهَا وَالْحكم مُتَّفق عَلَيْهِ بِنَاء على ذَلِك فَإِذا قَالَ الْحَنْبَلِيّ فِي الْبَالِغَة أُنْثَى فَلَا تزوج نَفسهَا كَبِنْت خمس عشرَة انتظم الْقيَاس بِنَاء على مَا ذَكرْنَاهُ من تركب حكم الأَصْل بَين الْخَصْمَيْنِ من العلتين واستناده عِنْد كل مِنْهُمَا إِلَى علته وَلِهَذَا جَازَ لأَحَدهمَا منع صِحَة الْقيَاس لاخْتِلَاف الْعلَّة فِي الْفَرْع وَالْأَصْل مثل أَن يَقُول الْحَنَفِيّ هَهُنَا للمستدل أَنْت عللت الْمَنْع فِي الْبَالِغَة بالأنوثة وَالْمَنْع فِي بنت خمس عشرَة عِنْدِي مُعَلل بالصغر فَمَا اتّفقت عِلّة الأَصْل وَالْفرع فَلَا يَصح الْإِلْحَاق

وَهَذَا النَّوْع تمسك بِهِ قوم ونفاه آخَرُونَ وَالْمُخْتَار إثْبَاته وبصحته قَالَ الطوفي والمرداوي من أَصْحَابنَا لِأَن حَاصله يرجع إِلَى النزاع فِي الأَصْل وَقد سبق أَن الْقيَاس يجوز على أصل مُخْتَلف فِيهِ فَإِذا مَنعه الْمُعْتَرض أثْبته الْمُسْتَدلّ بطريقه وَصَحَّ قِيَاسه فههنا كَذَلِك يثبت الْمُسْتَدلّ أَن الْعلَّة فِي بنت خمس عشرَة هِيَ الْأُنُوثَة ويحققها فِي الْفَرْع وَهِي الْبَالِغَة وَيبْطل مَأْخَذ الْخصم وَهُوَ تَعْلِيله فِي الْبِنْت الْمَذْكُورَة بالصغر وَقد ثَبت مدعاه وَصَحَّ قِيَاسه وَهُوَ أَن الْبَالِغَة أُنْثَى فَلَا تزوج نَفسهَا كَبِنْت خمس عشرَة

ثَالِث عشرهَا القَوْل بِالْمُوجبِ بِفَتْح الْجِيم أَي القَوْل بِمَا أوجبه دَلِيل الْمُسْتَدلّ أما الْمُوجب بِكَسْرِهَا فَهُوَ الدَّلِيل الْمُقْتَضى للْحكم وَهَذَا النَّوْع لَا يخْتَص بِالْقِيَاسِ بل يَجِيء فِي كل دَلِيل وَحَاصِله تَسْلِيم مَدْلُول الدَّلِيل مَعَ بَقَاء النزاع وَذَلِكَ دَعْوَى نصيب الدَّلِيل فِي غير مَحل النزاع وَيَقَع على وُجُوه ثَلَاثَة الْوَجْه الأول أَن يستنتج من الدَّلِيل مَا يتَوَهَّم أَنه مَحل النزاع

<<  <   >  >>