فموه على النَّاس وَأنزل نَفسه منزلَة الْعلمَاء الْمُحَقِّقين وَجلسَ للتعليم فيأتيه الطَّالِب بِكِتَاب مطول أَو مُخْتَصر فيتلقاه مِنْهُ سردا لَا يفتح لَهُ مِنْهُ مغلقا وَلَا يحل لَهُ طلسما فَإِذا سَأَلَهُ ذَلِك الطَّالِب الْمِسْكِين عَن حل مُشكل انتفخ أَنفه وورم وقابله بالسب والشتم وَنسبه إِلَى الْبَهَائِم ورماه بالزندقة وأشاع عَنهُ أَنه يطْلب الِاجْتِهَاد
وَمن أُولَئِكَ من لَا يروم الحماقة لكنه يَقُول إننا نَقْرَأ الْكتب للتبرك بمصنفيها وَأكْثر هَؤُلَاءِ هم الَّذين يتصدرون لأقراء كتب المتصوفة فَإِنَّهُم يصرحون بِأَن كتبهمْ لَا يفهمها إِلَّا أَهلهَا وَأَنَّهُمْ إِنَّمَا يشغلون أوقاتهم بهَا تبركا
ولعمري لَو تبرك هَؤُلَاءِ بِكِتَاب الله الْمنزل لَكَانَ خيرا لَهُم من ذَلِك الفضول وَهَؤُلَاء كالمنبت لَا أَرضًا قطع وَلَا ظهرا أبقى
وَمِنْهُم من يكون داريا بالمسائل وَحل الْعبارَات وَلكنه متعاظم فِي نَفسه فَإِذا جَاءَهُ طَالب علم الْفِقْه أَحَالهُ على شرح مُنْتَهى الإرادات إِن كَانَ حنبليا وعَلى الْهِدَايَة إِن كَانَ حنفيا وعَلى التُّحْفَة إِن كَانَ شافعيا وعَلى شرح مُخْتَصر خَلِيل للحطاب إِن كَانَ مالكيا ثمَّ إِن كَانَ مبتدئا صَاح قَائِلا إِلَى الْمُلْتَقى يَوْم الدّين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute