للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

سُئِلَ عَن رجل نذر أَن يطوف بِالْبَيْتِ على أَربع قَالَ يطوف طوافين وَلَا يطوف على أَربع فانظروا إِلَى هَذَا الْفِقْه كَأَنَّهُ نظر إِلَى الْمَشْي على أَربع فَرَآهُ مثله وخروجا عَن صُورَة الْحَيَوَان النَّاطِق إِلَى التَّشْبِيه بالبهائم فصانه وصان الْبَيْت وَالْمَسْجِد عَن الشُّهْرَة وَلم يبطل حكم الْقَضِيَّة فِي الْمَشْي على الْيَدَيْنِ بل أبدلها بِالرجلَيْنِ اللَّتَان هما آلَة الْمَشْي

ثمَّ ذكر مسَائِل من هَذَا الْقَبِيل ثمَّ قَالَ وَلَقَد كَانَت نَوَادِر أَحْمد نَوَادِر بَالِغَة فِي الْفَهم إِلَى أقْصَى طبقَة قَالَ وَمن هَذَا فقهه واختياراته لَا يحسن بالمنصف أَن يغض مِنْهُ فِي هَذَا الْعلم وَمَا يقْصد هَذَا إِلَّا مُبْتَدع قد تمزق فُؤَاده من خمول كَلمته وانتشار علم أَحْمد حَتَّى إِن أَكثر الْعلمَاء يَقُولُونَ أُصَلِّي أصل أَحْمد وفرعي فرع فلَان فحسبك مِمَّن يرضى بِهِ فِي الْأُصُول قدوة

قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ إِن أَحْمد ضم إِلَى مَا لَدَيْهِ من الْعلم مَا عجز عَنهُ الْقَوْم من الزّهْد فِي الدُّنْيَا وَقُوَّة الْوَرع وَلم ينْقل عَن أحد من الْأَئِمَّة أَنه امْتنع من قبُول أوقاف السلاطين وهدايا الإخوان كامتناعه وَلَوْلَا خدش وُجُوه فضائلهم رَضِي الله عَنْهُم لذكرنا عَنْهُم مَا قبلوا ورخصوا بِأَخْذِهِ

وَقد عقد ابْن الْجَوْزِيّ فِي مناقبه بَابا خَاصّا فِي بَيَان زهده فِي الْمُبَاحَات ثمَّ إِنَّه ضم إِلَى ذَلِك الصَّبْر على الامتحان وبذل المهجة فِي نصْرَة الْحق وَلم يكن ذَلِك لغيره وَقد أخرج أَبُو نعيم الْحَافِظ عَن الشَّافِعِي رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ قَالَ لي مُحَمَّد بن الْحسن صاحبنا أعلم أم صَاحبكُم قلت تُرِيدُ المكابرة أم الْإِنْصَاف قَالَ بل الْإِنْصَاف فَقلت لَهُ فَمَا الْحجَّة عنْدكُمْ قَالَ الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع وَالْقِيَاس قَالَ قلت أنْشدك الله صاحبنا أعلم بِكِتَاب الله أم صَاحبكُم فَقَالَ إِذا أنشدتني بِاللَّه فصاحبكم قلت فصاحبنا أعلم

<<  <   >  >>