للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ إِن ابْن الْقيم أَطَالَ النَّفس فِي هَذَا الْمَوْضُوع فَنقل رِوَايَات كَثِيرَة عَن الإِمَام أَحْمد جَاءَت بِلَفْظ الْكَرَاهَة وَالْمَقْصُود التَّحْرِيم ثمَّ حُكيَ عَن مُحَمَّد بن الْحسن أَنه قَالَ إِن كل مَكْرُوه فَهُوَ حرَام إِلَّا أَنه لما لم يجد فِيهِ نصا قَاطعا لم يُطلق عَلَيْهِ لفظ الْحَرَام

وروى مُحَمَّد أَيْضا عَن أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف أَنه إِلَى الْحَرَام أقرب انْتهى

قلت وَمرَاده بذلك مَا وَقع فِي كَلَام الْأَئِمَّة من أَن هَذَا مَكْرُوه لَا بِالنّظرِ إِلَى مَا اصْطَلحُوا عَلَيْهِ من بعدهمْ من التقسيمات الَّتِي يذكرونها فِي كتب الْأُصُول وَالْفُرُوع فَإِن هَذَا اصْطِلَاح حَادث لَا ينزل عَلَيْهِ كَلَام الْأَئِمَّة

وَأما الْمَالِكِيَّة فقد حملُوا قَول مَالك أكره كَذَا وَشبهه على جعله مرتبَة متوسطة بَين الْحَرَام والمباح وَلَا يطلقون عَلَيْهِ اسْم الْجَوَاز على أَن مَالِكًا قَالَ فِي كثير من أجوبته أكره كَذَا وَهُوَ حرَام فَمِنْهَا أَن مَالِكًا نَص على كَرَاهَة الشطرنج وَهَذَا عِنْد أَكثر أَصْحَابه على التَّحْرِيم وَحمله بَعضهم على الْكَرَاهَة الَّتِي هِيَ دون التَّحْرِيم وَأما الشَّافِعِي فَإِنَّهُ قَالَ فِي اللّعب بالشطرنج إِنَّه لَهو شبه الْبَاطِل أكرهه وَلَا يتَبَيَّن لي تَحْرِيمه فقد نَص على كَرَاهَته وَتوقف فِي تَحْرِيمه فَلَا يجوز أَن ينْسب إِلَيْهِ وَلَا إِلَى مذْهبه أَن اللّعب بهَا جَائِز وَأَنه مُبَاح فَإِنَّهُ لم يقل هَذَا وَلَا مَا يدل عَلَيْهِ وَالْحق أَن يُقَال إِنَّه كرهها وَتوقف فِي تَحْرِيمهَا فَأَيْنَ هَذَا من أَن يُقَال إِن مذْهبه جَوَاز اللّعب بهَا وإباحته وَمن هَذَا أَيْضا أَنه نَص على كَرَاهَة تزوج الرجل ابْنَته من مَاء

<<  <   >  >>