وَمن يكون مثله لَا يكون جسما وَلَا عرضا وَلَا مُحدثا وَلَا مُحْتملا للفناء لِأَنَّهُ إِن كَانَ على شَيْء من ذَلِك فَلَا يكون مثله وَبِه سَأَلَ فَكيف يبْقى ذَلِك الَّذِي ذكر وَمَا ذكر هُوَ أبعاض مَا فِي كَون ذَلِك نَفْيه وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقد قُلْنَا على الْمُعْتَزلَة مَا هُوَ أوضح من ذَلِك مَعَ مَا يلْزمهُم من وَجه آخر وهم أَنهم يصفونَ الله بِالْقُدْرَةِ على الْكَذِب والسفه وَالظُّلم مِمَّا لَو كَانَ شَيْء من ذَلِك ليبطل ربوبيته ثمَّ لم يجز فعله ذَلِك لذَلِك فَلْيقل يقدر على خلق مثله وَلَكِن لَا يفعل لِأَنَّهُ لَيست الأعجوبة فِي جعل الْحَدث قَدِيما وَمَا يحْتَمل الفناء غير فان وَمَا يَقع عَلَيْهِ أثر الصنع غير وَاقع ذَلِك إِلَّا بالأعجوبة فِي جعل الْقَدِيم حَدِيثا وَالْبَاقِي فانيا والحكيم سَفِيها فَإِن استقامت الْقُدْرَة على هَذَا على إِحَالَة الْفِعْل فَمثله الأول على مَذْهَبهم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ الإحالة على مَذْهَبنَا سهل وَهُوَ أَن الله جلّ جَلَاله محَال دُخُوله تَحت الْقُدْرَة فَالْقَوْل بِإِدْخَال غير تَحت الْقُدْرَة ليصير بهَا مثله دفع المثلية عَنهُ لإحاله دُخُوله تَحت الْقُدْرَة وَالْآخر بهَا يلْحقهُ بِهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَإِن شِئْت قلت السُّؤَال متناقض لِأَنَّهُ قَالَ يقدر أَن يخلق مثله وَمثله لَا يكون مخلوقا فَكَأَنَّهُ قَالَ يقدر على مَا لَيْسَ لَهُ مثل من الْخلق قبلي