ثمَّ القَوْل فِي خلق الْإِيمَان فِيمَا بَيْننَا وَبَين فريق من الحشوية مَعَ مَا قد بَينا القَوْل فِي خلق أَفعَال الْعباد مَا يكفى ذَلِك من تَأمل أَمر الْإِيمَان أَن الْإِيمَان لَا يَخْلُو من أَن يكون مَعْرُوفا أَو مَجْهُولا فَإِن كَانَ مَجْهُولا لَا يُعلمهُ أحد فَنَقُول من يَقُول بنفى الْخلق لَا معنى لَهُ لِأَن الَّذِي يجهل حَتَّى لَا يصل إِلَى الْعلم بِهِ من طَرِيق الدَّلِيل هُوَ الْخلق الَّذِي لم يَجْعَل الله فِيمَا يشهده عَلَيْهِ دَلِيلا يعرف مائيته وَحَقِيقَته وَذَلِكَ خلق فِي جملَة القَوْل وبدلالة المحسوس على أَن كل شَيْء سوى الله خلق كَائِن بعد أَن لم يكن فَأَما الله تَعَالَى وَمَا يُوصف بِهِ فَفِي الشَّاهِد دَلِيل على التَّحْقِيق وَالْإِثْبَات فَلَا وَجه للْجَهْل بِهِ وَفِي ذَلِك تثبيت جعله خلقا مَعَ مَا لَا يجوز الْجَهْل بِهِ إِذْ الْأَمر بِفِعْلِهِ عَن الله فِي جَمِيع كتبه الْمنزلَة وَرُسُله الَّذين أرسلهم وَبِه خُوطِبَ الْعباد بِجَمِيعِ شرائع الْإِسْلَام فمحال يعرفهَا