وَجُمْلَته مَا بَينا من انقسام مَعَاني الْإِرَادَة والإتفاق على تَحْقِيق الْمَعْنى الَّذِي يذهب إِلَيْهِ وَلَيْسَ وَرَاء ذَلِك إِلَّا بمانع فِي اللَّفْظ أَو صرف عَن جِهَته إِلَى جِهَة هِيَ من تِلْكَ الْجِهَة قَبِيح عِنْد الْخصم وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ الأَصْل الَّذِي يَقع عَلَيْهِ الْفِعْل فِي الشَّاهِد أَن يكون على إِرَادَة أَو غَلَبَة أَو سَهْو فَكل من خرج فِي شَيْء عَن الْوَصْف بالغلبة فِيهِ والسهو لزم الْوَصْف بالإرادة الَّتِي هِيَ للأفعال وَأما الَّتِي هِيَ لَا لِأَنَّهَا فِي الْحَقِيقَة أَقسَام قد بَينا ذَلِك فِيمَا تقدم وَالله الْمُوفق
على أَن القَوْل فِي الشَّاهِد فِيمَا فِي الْحَقِيقَة إِرَادَة فَهِيَ الَّتِي تكون وَبهَا الْفِعْل لَا محَالة عندنَا يكون مَعهَا وَعند الْمُعْتَزلَة قبل الْفِعْل بِلَا فصل وَمَا عدا ذَلِك مِمَّا قد يكون الْفِعْل إِذا وجد وَلَا يكون فَهُوَ التمنى الْمَعْرُوف وَالله يجل عَن هَذَا الْوَصْف ثَبت أَن إِرَادَته على الْوَجْه الأول وَأَنه يتَحَقَّق الْفِعْل على الْوَجْه الَّذِي أَرَادَ بِهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
مَسْأَلَة فِي الْقَضَاء وَالْقدر
الأَصْل عندنَا أَن هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَسْأَلَة الْإِرَادَة كلهَا فِي خلق الْأَفْعَال إِن ثَبت ذَلِك ثَبت هَذِه إِذْ خلق الْأَفْعَال يثبت الْقَضَاء بِكَوْنِهَا وَالْقدر لَهَا على مَا عَلَيْهَا من حسن وقبح وَيُوجب أَن يكون مرِيدا لَهَا أَن تكون خلقا لَهُ وَقد بَينا فِي هَذَا مَا نرجو بِهِ الْكِفَايَة لمن أكْرم بالهداية لَكِن النَّاس أفردوا التَّكَلُّم فِي مَسْأَلَة مِنْهَا فاتبعناهم فِي الْفِعْل لما احْتمل أَن يَكُونُوا أَرَادوا أَن الْحق قد يظْهر بنوره لمن تَأمل بِأَيّ لفظ من الْأَلْفَاظ يعبر بِهِ عَنهُ ليعلم أَن الْحق لَا صَار حَقًا للسان وَلَا لنَوْع من الْبَيَان لَكِن صَار حَقًا بِمَا لَهُ من الْأَدِلَّة والبراهين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه