وَقَالَ بَعضهم المرجئة هم الَّذين أرجوا أَمر عَليّ بن أبي طَالب وَمن خرج مَعَه وَعَلِيهِ فَإِن أَرَادوا بِهِ الإرجاء من الْوَقْف فِي القَوْل فيهم فَلَا معنى لذَلِك من غَيره وَإِن أَرَادوا الإرجاء المذموم فَهُوَ قريب وَلما لم يكن أحد يعدل عليا فِي الإستحقاق مَعَ دلَالَة الْخَبَر الْمَرْفُوع لَهُ فِي عهد أبي بكر رَضِي الله عَنهُ أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ إِن وليتم أَبَا بكر تجدونه ضَعِيفا فِي بدنه قَوِيا فِي دينه وَإِن وليتم عمر وجدتموه قَوِيا فِي بدنه قَوِيا فِي دينه وَإِن وليتم عليا وجدتموه هاديا مهديا يسْلك بكم طَرِيق الْهدى أَو كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ إِدْخَال عمر إِيَّاه فِي الشورى ثمَّ إتفاق أخيار الصَّحَابَة عَلَيْهِ لم يكن أمره بِحَيْثُ الخفا ليعذر من جوز القَوْل جَائِز أَن يلْحق أَهله الذَّم بذلك إِذْ هُوَ جهل مَا لَا يحْتَمل الْجَهْل إِلَّا عَن إغفال أَو ترك التَّأَمُّل فِي أَمر الدّين وَالله الْمُوفق
ثمَّ إِن ثَبت الْخَبَر الْمَرْفُوع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ صنفان من أمتِي لَا تنالهم شَفَاعَتِي الْقَدَرِيَّة والمرجئة وَمَا ذكر أَن المرجئة لعنت على لِسَان سبعين فَهُوَ يخرج وَالله أعلم على وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يُرَاد بِهِ الجبرية بِمَا جمع إِلَى الْقَدَرِيَّة وهما قَولَانِ متقابلان جَمعهمَا الْخَبَر فِي الذَّم وَهُوَ أَن الْقَدَرِيَّة تحقق قدر أَفعَال الْخلق لِلْخلقِ لَا تجْعَل لله فِيهَا مشْيَة وَلَا تدبيرا والجبرية أرجتها إِلَى الله تَعَالَى لم تجْعَل لِلْخلقِ فِيهَا حَقِيقَة الْبَتَّةَ فَحملت الجبرية كل قَبِيح وذميم جلّ الله تَعَالَى من أَن يكون ذَلِك وصف فعله وحملت الْقَدَرِيَّة الْأَمر على الْخلق على مَا هم بهَا من الْجَهْل وَالْحق هُوَ الْوسط من القَوْل أَن يكون من الْعباد أَفعَال على مَا هِيَ مِنْهُم وَمن الله خلقهَا على الْحَد الَّذِي كَانَت عَلَيْهِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق