للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ سُئِلَ عَن خلقه الْأَشْيَاء إِذْ لم يكن لَهُ فِيهِ نفع وَلَا كَانَ عابئا بِهِ فَزعم أَنه خلق الْعرض على ثَوَاب الْأَبَد وَذَلِكَ حِكْمَة فَيكون فعله لنفع يكون لخلقه لَا لعِلَّة تقدّمت الْخلق وَهُوَ كاتحاد الْبُنيان وأنواع الْأَشْيَاء يحدث من الْعباد

قَالَ أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَقد بَينا نَحن مَا يقتضى هَذَا الْحَرْف من الْجَواب على أَن السُّؤَال عَن الْعلَّة محَال لإحالة أَنه يكن لأحد عَلَيْهِ سُلْطَان أَو يخرج فعله عَن الْحِكْمَة فنسأل عَنهُ

وَبعد فَإِن السُّؤَال عَن تعرف حِكْمَة الربوبية وَحقّ ربوبيته علينا مَعْرفَته وَمَعْرِفَة حَقه وَأمره وَالْقِيَام بِمَا علينا من طَاعَته وتعظيمه والإعداد لحق الْجَواب فِي كل مَا يَقُوله ويعلمه وَذَلِكَ يشغلنا عَن طلب الإعتلال لَهُ فِي فعله أَو الإحتجاج بِالْجَوَابِ عَنهُ فِيمَا تعدى السَّائِل طوره وَأعْرض عَمَّا عَلَيْهِ من أعذاره لفعله الَّذِي هُوَ مسئول عَنهُ مجزى بِهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَقَوله خلق الْخلق لنفع الْخلق ونفعه مَا ذكر فَإِنَّهُ حيد عَن الْجَواب لِأَنَّهُ سُئِلَ عَن خلق الْأَشْيَاء وَمن ذكر فهم صنف من الْجُمْلَة فَلذَلِك أوجب ذَلِك حيده

وعَلى ذَلِك شَأْن الْقَدَرِيَّة فِيمَا يسْأَلُون عَن خلق الْأَفْعَال فيرجعون فِي الْجَواب إِلَى فعل الْكفْر والمعاصي وَذَلِكَ فَاسد لِأَن طَرِيق هَذَا سَمْعِي وَالْأول الَّذِي وصف عَقْلِي

قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله وَالْأَصْل عندنَا أَن الله تَعَالَى لم يخلق خلقا إِلَّا وَأثر نعمه عَلَيْهِ ظَاهر وأدلة جوده فِيهِ بَين وَأَنه حكمته بِمَا فِيهِ من دلَالَة وحدانية موجده وبرهان سُلْطَانه ونفاذ مَشِيئَة فِيهِ مُحَقّق وعلامة قدرته وَعلمه بحقائق الْأَشْيَاء غير خَفِي فِي ذَلِك

وَالسُّؤَال على أَنَّك لم أَنْعَمت أَو لماذا أظهرت جودك وَلم كَانَت الْحِكْمَة وَلم أَنْت حجَّة وحدانيتك إِلَى آخر مَا ذكر محَال فَاسد لَا يقبله عقل وَلَا يحْتَملهُ وسع لقبحه لذَلِك بَطل هَذَا النَّوْع من السُّؤَال وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

<<  <   >  >>