للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظن الْخلق بأولئك إِنَّه وصل إِلَيْهِم الْعُلُوم على ألسن هَؤُلَاءِ فعلى ذَلِك أَمر الدّين وَالدُّنْيَا وعَلى ذَلِك علم السحر يعْتَبر جَوَاهِر الْأَشْيَاء بأنواع المعالجات وعلوم محاربة أَعدَاء الدّين وَالْأَمْوَال كلهَا مستفادة فِي الْأَمر الظَّاهِر من الألسن وَمَا عَنْهَا يُوجد فَأول ذَلِك تَعْلِيم يكون من الْعَلِيم الْحَكِيم

ثمَّ مِمَّا يلْزم القَوْل بالرسالة بضرورة الْعقل هُوَ أَنه قد ثَبت حسن معرفَة الْمُنعم وَالشُّكْر لَهُ فِي الْعقل وقبح الْجُحُود لَهُ والكفران بنعمته ثمَّ مَا من شَيْء تقع عَلَيْهِ حاسة من حواسه إِلَّا وَللَّه عَلَيْهِ فِي سَلامَة حاسته وَمَا أدْرك نعم يعجز عَن الْإِحَاطَة بهَا

ثمَّ بعد هَذَا لَهُ عبارتان إِحْدَاهمَا تفَاوت إستحقاق المنعمين الشُّكْر وتفاضل أقدار النعم مِمَّا لَا يبلغ علم أحد نهايتها إِلَّا علم من أَنْشَأَهَا فعلى هَذَا لَا يبلغ عقل بِمَا بِهِ تَمام شكرها إِلَّا هُوَ فَيلْزم الْعقل من يخبر عَمَّن مِنْهُ تِلْكَ النعم وَالْأُخْرَى أَن تِلْكَ النعم إِذْ هِيَ تَفَرَّقت على الْحَواس وأصابت كل جارحة مِنْهَا فَلَزِمَ اسْتِعْمَال كل جارحة فِي شكر مَا لَهُ عَلَيْهَا من النعم مَعَ مَا إِذا أردْت أَن تعرف قدرهَا اعْتبر بالمبتلى بالآفة بهَا لعِلَّة يخف عَلَيْهِ بذل الدُّنْيَا ثمَّ كَانَ مَا بِكُل جارحة تُؤدِّي من الشُّكْر لَا يعرف بِالْعقلِ فَيلْزم القَوْل بمخبر يخبر عَن الله

وَأَيْضًا إِن الله إِذْ خلق الْبشر خلقا أمكنه إستعمال كل جارحة مِنْهُ بِمَا جعل من اللين بالمفاصل يقبض بهَا ويبسط وَيُعْطى وَيَأْخُذ ويتقلب على مُخْتَلف الْأَحْوَال وينتشر فِي مفترق الْأَفْعَال مِمَّا لَو لم يكن خلقه لاستعمال جَمِيع ذَلِك فِي الْعَادة لجعل فِيهِ وسع الْعَمَل والنفع خَاصَّة كالدواب والطيور فَثَبت أَنه خلق لِلْعِبَادَةِ فَلَا بُد من مُبين مائيتها فِي كل جارحة

<<  <   >  >>