وَبعد فقد كثر عَنْهُم الْآيَات من أَنْوَاع مَا لَا يحْتَمل ذَلِك بالإطلاع على جَوْهَر الأَرْض إِلَّا أَن يطلعه من علم جواهرها وَفِي ذَلِك الَّذِي ذكر على أَنه مَا من نَبِي صحت نبوته إِلَّا وَقد شهد قومه مِنْهُ من إِعْلَام الصدْق مَا يجب قبُول قَوْله لَوْلَا الْآيَات
وعارضه ابْن الروندي إِن أحدا لَو ادّعى طبيعة يحدث بهَا الْكَوَاكِب أَو لَو نَصبه مُقَابل الشَّمْس يذهب ضوؤها أَو إِنَّه إِذا مس الْبَحْر لفظ الْبَحْر جَمِيع مَا فِيهِ وَإِذا مسح بِهِ قدمه لصار فِي الْهَوَاء وارتفع إِلَى السَّمَاء وَيصير سحابا يمطر فَإذْ لزم تَكْذِيب بِمَا ادّعى الْخُرُوج عَن طبائع مَعْرُوفَة فَمثله الأول مَعَ مَا كَانَ المكذب لَيْسَ مَعَه شَيْء وَمَعَ الآخر شَيْء بالظنون يرد وبالإحتمال وَمَا بِهِ قد يُمكن عيب وَالْحجّة ظَاهِرَة فَلَزِمَ القَوْل بِهِ وَاحْتج على الْوراق بِمَا أجمع على موت الْبشر كلهم وَإِن لم يشْهدُوا الْكل بالرسل فَقَالَ فِيهِ الْإِجْمَاع
قَالَ أَبُو مَنْصُور رَحمَه الله وَقد علم أَنه لم يشْهد بل لم يبلغ علمه شَيْء وَالثَّانِي أَنه علق دَلِيله فِي ذَلِك بالمحنة وَقد زَالَ وَالثَّالِث إِذْ لَا يبلغ التَّدْبِير ثَبت أَنه قيل بالرسل
وَقَالَ فِي قَول الفلسفة إِن تركيب الْحَيَوَان تركيب يَمُوت تأملوا حماقته بعد قَول قوم لَو أدركوه لأدركوه بالرسل ثمَّ يُنكر قَول الرُّسُل مَعَ الْبُرْهَان وَالثَّانِي أَنه لم يمْتَحن عقول جَمِيع الفلاسفة وَلَا هم امتحنوا طبائع الْجَمِيع وَالثَّالِث أَنه لَو كَانَ بالتركيب لما اخْتلف قدر الْحَيَاة وَقَالَ بالطباع إِن النَّفس لَا تطمع