للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي الْعقل إِن تنَاقض أَدِلَّة من لَهُ الْأَدِلَّة وَهُوَ دَلِيل سفهه وجهله فَثَبت بذلك ان الَّذِي لَهُ تفَرقُوا لَيْسَ من حَيْثُ الْقُرْآن وَلَا لما لَيْسَ فِيهِ بَيَان بل دلّ تَكْلِيف الرَّد إِلَى الْقُرْآن وَلُزُوم اتِّبَاعه على أَن فِيهِ بَيَان ذَلِك وَإِنَّمَا خفى الْمُحكم على من لم يبلغهُ لمعان إِمَّا ميل طبيعة الْجَوْهَر إِلَى مَا يتلذذ بِهِ أَو لإلف بعض مَا اعتاده أَو لتقليد من وثق بِهِ أَو لتقصير فِي الطّلب أَو لثقة مِنْهُ بعقله أحب أَن يسوى عَلَيْهِ حِكْمَة الربوبية دون أَن اتبع عقله مَا ألْقى فِي سَمعه فَصَارَ بِهِ الْمُحكم عِنْده متشابها أَو لتقصير فِي الْبَحْث إِذْ الْوُجُوه الَّتِي هِيَ وُجُوه الشُّبْهَة على الَّذين عدلوا عَن التَّوْحِيد على شَهَادَة كُلية الْأَشْيَاء لَهُ بذلك وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وأصل ذَلِك أَن الله تَعَالَى خلق الْبشر على طبائع تميل إِلَى الملاذ الْحَاضِرَة وَتَدعُوا صَاحبهَا إِلَيْهِ وتزينها فِي عينه بِمَا ركب فِيهِ من الشَّهَوَات إِلَى مَا إِلَيْهِ مثل طبعه وَهِي تنفر عَمَّا فِيهِ ألمه وتعبه فَيصير طبعه أحد أَعدَاء عقله فِي التحسين والتقبيح وَإِن كَانَ مَا حسنه الْعقل وقبحه لَيْسَ لَهُ زَوَال وَلَا تغير من حَال إِلَى حَال وَمَا حسنته الطبيعة وقبحته هُوَ فِي حد الإنقلاب والتغير من حَال إِلَى حَال بالرياضة وَالْقِيَام على ذَلِك بالكف عَمَّا أَلفه وَالصرْف إِلَى مَا ينفر عَنهُ يحسن الْقيام عَلَيْهِ على مَا يحْتَمل الطَّبْع قبُوله نَحْو الْمَعْرُوف من أَمر الطُّيُور والبهائم إِنَّهَا بطبعها تنفر عَمَّا أُرِيد بهَا من أَنْوَاع مَنَافِع الْبشر ثمَّ يحسن قيام أهل الْبَصَر بذلك لصير مِمَّا طبع عَلَيْهِ بالميل إِلَيْهِ كالمستوحش وَمِمَّا طبع على النفار عَنهُ كالمطبوع عَلَيْهِ وعَلى ذَلِك أَمر نفار الطَّبْع عَن الْقَتْل وَالذّبْح فِي الْبشر ثمَّ سهولة ذَلِك عَلَيْهِ فِي الْحَيَوَان وَمَا يدْرك حسنه بِالْعقلِ وقبحه فَلَا يزَال يزْدَاد على مَا فِيهِ إِدْرَاكه

<<  <   >  >>