المتأمل فِيهِ ليصده عَن عبَادَة الرَّحْمَن المؤوف بَصَره أَو الَّذِي تنازعه نَفسه فِي الْمَنَام أَو الَّذِي يبعد عَنهُ أَو يدق عَن الْإِحَاطَة ثمَّ لم يعْمل عَلَيْهِ كيد الشَّيْطَان فِي الصّرْف عَن الملاذ وكف النَّفس عَن الشَّهَوَات ويوقيه من الْجَوَاهِر المؤذية وصون النَّفس عَن اقتحام النيرَان والبحار وَلَو كَانَ عَن حَقِيقَة جهل ينْطق لَكَانَ لَا بَقَاء لَهُ لما يقتحم المهالك وَيمْتَنع عَن تنَاول الأغذية فَثَبت أَن الَّذِي دَعَا إِلَى مَا يَقُوله حب اللَّذَّات والميل إِلَى الشَّهَوَات مَعَ مَا فِي الَّذِي ذكر من اخْتِلَاف الْأَحْوَال وَتبين الْخلاف دَلِيل كَاف على أَنه قد علم العيان حَيْثُ أخبر عَن الْخلاف لما ذكر من الحسبان وَعِنْدنَا أَن ذَلِك بِمَعْنى العيان إِن المؤوف وَفِي حَال الْمَنَام والبعد والدقة لَا يصل إِلَى حقائق الْأَشْيَاء وَعند الإرتفاع يصل فَذَلِك الَّذِي أوجب من الإختلاف هُوَ حق العيان لم يجز أَن يُنكره وعَلى مثله قَول مثبتي العيان ومنكري الْخَبَر بِمَا قد يظْهر فِيهِ الْكَذِب بعد أَن ينتشر بِهِ القَوْل
ثمَّ قد قيل الْإِخْبَار فِي العيان اللذيذة والجواهر الشهية فِي الإنتفاع مِمَّا لَوْلَا الْإِخْبَار عَمَّا فِيهِ من اللَّذَّة مَا احْتمل عَاقل المخاطرة بِنَفسِهِ من الإمتحان وَكَذَلِكَ اتقاء المضار من غير أَن سبق مِنْهُم الإمتحان فَمَا نالوا إِلَّا بالإخبار وعَلى ذَلِك المكاسب والحيل والحذر وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يرجع مَنَافِع ذَلِك إِلَى أبدانهم ودنياهم وَكَذَلِكَ المضار فَثَبت أَن الَّذِي بعث هَذَا إِلَى التَّكْذِيب مَا فِي القَوْل بِهِ من إِثْبَات الحرمات وكف النَّفس عَن الشَّهَوَات فَيصير السَّبَب الَّذِي بِهِ خدع الشَّيْطَان هَذَا الصِّنْف هُوَ السَّبَب الَّذِي خدع الصِّنْف الأول مَعَ مَا يُوجد ذَلِك فِي العيان من الْوَجْه الَّذِي بَينا وَلم يمْنَع هَؤُلَاءِ القَوْل بِهِ فَمثله فِي الأول لِأَنَّهُ يظْهر الْكَذِب فِي الْإِخْبَار بِمَا اعْترض الْمخبر من الْآفَات الَّتِي تحملهم عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute