للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

أخبر بِهِ وعَلى أَن يتْلف مَا أَرَادَ الله إبقاءه قدر على تسفيه الله وتجهيله وَخَلفه فِي الْوَعْد وَمن ذَلِك وَصفه لَيْسَ بإله وبمثله نفوا قَول الثنوية مَعَ مَا فِي هَذَا أَمر عَجِيب أَن يكون الله يقوى أحدا على نقض ربوبيته إِذْ ملك تصييره كَاذِبًا وَقدر على جعله جَاهِلا وَعَن وَفَاء مَا وعده عَاجِزا وَهَذَا النَّوْع من الأقدار لَا يَفْعَله أسفه السُّفَهَاء فَكيف أحكم الْحَاكِمين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وعَلى قَول هَؤُلَاءِ يكون للبشر قدرَة نقض تَدْبِير الْعَالم وللرسل قُوَّة أَن لَا يظهروا لله حجَّة فِي الأَرْض وَأَن يمْتَنع كل مِنْهُم عَن الْوَجْه الَّذِي عَلَيْهِ مضى تَدْبِير الْعَالم وَهُوَ مبْنى على كَون أَحْوَاله على أَيدي الْبشر وَخلق الأَرْض وَالسَّمَاء وَالله تَعَالَى لم يكن لَهُ قدرَة على خلق تِلْكَ الْأَفْعَال وَالْأَحْوَال على أَيْديهم وَلَهُم قدرَة على أَن لَا يَفْعَلُوا شَيْئا من ذَلِك فَإِذا لَهُم عَلَيْهِ أرفع المنن وَأَعْلَى النعم إِذْ على الْقُدْرَة فِي منع تَقْدِيره ونفاذ تَدْبيره فعلوا الَّذِي بِهِ قَامَ تَدْبيره وَتمّ ملكه وسلطانه وعَلى مَا دبر وَشاء وَذَلِكَ أوحش قَول وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق

ثمَّ وجود القَوْل ظَاهر فِي الْخلق لَا أقدر لشغلي بِكَذَا أَو لَا أَسْتَطِيع بِنَقْل هَذَا عَليّ وَلم يجز أَن يكون الله ينْطق ألسن الْخلق على غير تمانع مِنْهُم بِمَا هُوَ كذب فِي الْحَقِيقَة وهم يعلمُونَ أَن مَعَهم استطاعة الْأَسْبَاب وَالْأَحْوَال فَثَبت أَن وَرَاء ذَلِك عِنْدهم قدرَة يذكرونها مَعَ الإعتذار فِي الْأَفْعَال لَا فِي الْجمل الَّتِي ترجع الأوهام إِلَى الْأَحْوَال وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَالنَّظَر فِي ذَلِك أَن الْقُوَّة إِذْ لَيست هِيَ من أَجزَاء الْجِسْم فَهِيَ عرض فِي الْحَقِيقَة والأعراض لَا تبقى إِذْ لايجوز بَقَاء مَا يحْتَمل الفناء إِلَّا بِبَقَاء هُوَ غَيره وَالْعرض لايقبل الأغيار بِمَا لَا قيام لَهُ بِذَاتِهِ ومحال بَقَاء الشَّيْء بِبَقَاء فِي غَيره فَبَطل الْبَقَاء ثمَّ فَسَاد حَقِيقَة الْأَفْعَال بِأَسْبَاب مُتَقَدّمَة إِذْ لم تكن هِيَ وَقت الْفِعْل فَمثله قُوَّة الْفِعْل فَيلْزم القَوْل بالكون مَعَ الْفِعْل وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

<<  <   >  >>