للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَيْء دَفعه إِلَى هَذَا الخيال وَقد بَينا بِخُرُوجِهِ ذَلِك وتعنته فِيمَا ادّعى على أَنه لَا يَخْلُو من أحد أَمريْن إِمَّا أَن يَجْعَل كل شَيْء يعرفهُ فِي الشَّاهِد من الْبشر حِكْمَة أَو سفها يَقُول بِهِ فِي الْغَائِب أَو ينظر إِلَى الْمَعْنى الَّذِي لَهُ صَار كَذَلِك فِي التَّحْقِيق فَنَقُول بِهِ فِي الْغَائِب فَإِن قَالَ بِالْأولِ لزمَه ذَلِك فِي خلق مَا لَا ينْتَفع بِهِ وَفِي خلق الشَّيْء من لَا شَيْء وَفِي التعذيب من غير دفع ثمَّ يُقَال نَفسه فِي إِجَازَته قَوْله بِالْكَذِبِ فمهما أجَاب من شَيْء فَذَلِك لَازم لَهُ فِيمَا قَالَ وَإِن نظر إِلَى الْمَعْنى أبطل قَوْله ذَا ببديهة الْعقل وَذَا لَا يجوز لَهُ وَهَذَا النَّوْع من الخيال الَّذِي لَا أصل لَهُ فَلَا وَمَتى تدْرك حقائق الْأَشْيَاء ببداهة الْعُقُول وَإِنَّمَا الْعُقُول ركبت مُمَيزَة بَين مُخْتَلف الْأَشْيَاء بمعانيها الَّتِي توجب الإختلاف ومؤلفة بَين مجتمعها بمعاني توجب الْجمع وَذَا حق الْفِكر وَالنَّظَر ليوصل بهما إِلَى ذَلِك ثمَّ لَا أحد يعلم عَالما بِشَيْء لَا علم لَهُ بِهِ قَادِرًا على شَيْء لَا قدرَة عَلَيْهِ بل كل مَعْرُوف ينفى الْقُدْرَة وَالْعلم مَوْصُوف بِالْجَهْلِ وَالْعجز إِذا احْتمل الْوَصْف بِالْقُدْرَةِ وَالْعلم إِنَّه عَالم قَادر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَإِن رَجَعَ إِلَى اعْتِبَار الْمعَانِي الَّتِي هِيَ أَسبَاب حقائق الْأَشْيَاء فَذَلِك لَهُ مُسلم وَلَا معنى لقَوْله ببديهة الْعقل إِنَّمَا ذَلِك حق الطباع ونفاره ثمَّ يُنكر أَن يكون فِي خلق الله قبيحا فِي الْحَقِيقَة وشرا وَفَسَادًا على وجود مَا لَا يُحْصى من ذَلِك على هَذِه الْأَوْصَاف بالعقول بل الله جلّ ثَنَاؤُهُ بِمَا جعلهَا كَذَلِك صرف بهَا مثل مَا قبح من الْأَفْعَال وتقطيع منظره أوعد بِهِ ذُو عقل أَيْن الَّذِي يُنكر مثل هَذَا من دَعْوَى بداية الْعُقُول ثمَّ لم يزل أئمتهم كلموا الثنوية بِجَوَاز كَون الْخَيْر وَالشَّر وَالطّيب والخبيث من وَاحِد ليدفعوا بِهِ القَوْل بالإثنين ثمَّ رجعُوا إِلَى إِحَالَة أحد الْوَجْهَيْنِ عَن الله فَمن حق الْوَجْه الآخر فِي الْمَوْجُود فِي الْعَالم أوجب مَا قَالَت الثنوية وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

<<  <   >  >>