{أُولَئِكَ الَّذين لم يرد الله أَن يطهر قُلُوبهم} وَأَنْتُم تَقولُونَ بل أَرَادَ الله ذَلِك وَقَالَ {وَمن يرد الله فتنته} وَأَنْتُم تَقولُونَ لم يردهَا أَو تَقولُونَ هَذِه محنة وأنى كَانَ رَسُول الله يُرِيد أَو يتَمَنَّى أَن لَا يكون حَتَّى يُقَال لَهُ {فَلَنْ تملك لَهُ من الله شَيْئا} وَقَالَ الله تَعَالَى {وَلَا يَحسبن الَّذين كفرُوا أَنما نملي لَهُم خير لأَنْفُسِهِمْ} وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تعجبك أَمْوَالهم وَأَوْلَادهمْ} أخبر مَا يُرِيد بهم بِمَا أعْطى وهم يَقُولُونَ لَا يُرِيد فَمَا يُقَال لأمثال هَؤُلَاءِ إِلَّا مَا قيل للْيَهُود وَالنَّصَارَى {أأنتم أعلم أم الله} وَقَالَ الله جلّ ثَنَاؤُهُ {لأملأن جَهَنَّم من الْجنَّة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ} فَنَقُول لَهُم أَرَادَ الله عز وَجل أَن يفى بِمَا وعد هَذَا أَو أَرَادَ أَن يكذب وعده وَيبْطل وعيده فَإِن قَالُوا بِالثَّانِي أعظموا القَوْل ووصفوه بِإِرَادَة السَّفه وَالْكذب وَكفى بِهَذَا القَوْل خزيا وَإِن قَالُوا أَرَادَ أَن يفى بِهِ قيل أَرَادَ أَن يفى بِهِ وَهُوَ يُرِيد أَن يطيعوه فيفى وهم يطيعون لَهُ أَو يعصون فَإِن قَالَ بِالْأولِ فَهُوَ جور أَرَادَ لِأَنَّهُ فعله جور فإرادة كَونه إِرَادَة فعل الْجور أَن يكون لَهُ فعلا وَقَالَ الله تَعَالَى {وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد} وَإِن قَالَ بِالثَّانِي أذعنوا للحق وَقَالُوا بِالْعَدْلِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَقَالَ الله تَعَالَى {يُرِيد الله أَلا يَجْعَل لَهُم حظا فِي الْآخِرَة} وَمن أَرَادَ أَن يكون مِنْهُ كل خير فقد أَرَادَ لَهُ الْحَظ فِي الْآخِرَة وَقَالَ تَعَالَى {تُرِيدُونَ عرض الدُّنْيَا وَالله يُرِيد الْآخِرَة}