للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ قَالَ إِرَادَة إِبْلِيس هِيَ التمنى وَلَو أَرَادَ الْعباد مَا كفرُوا وَالله يقدر على مَنعهم بالقهر

قَالَ الْفَقِيه رَحمَه الله قُلْنَا لَهُ قد صدقت والإرادة قد توجب الْغَلَبَة والتمنى لَا فَكيف غلب تمنى عدوه على إِرَادَته وَقَوله يقدر ويقهر وَهَذَا النَّوْع إِنَّمَا هُوَ أثر الْحيرَة والوحشة وَلَا يجوز الْإِيمَان بالقسر بِوَجْه ثمَّ قَالَ فَإِن قيل هَل رَأَيْت حكيما يقدر على منع عَبده عَن أَمر لَا يُريدهُ وَلَا يمنعهُ فعارض بالجبر وَذَا خطأ لِأَنَّهُ عندنَا يُريدهُ وَلَيْسَ الْمَنْع من شَرط مَا يُرَاد ثمَّ قَالَ فَإِنَّهُ يدع لوَجْهَيْنِ لَا يُريدهُ وَلَا يجوز لَهُ الْمَنْع لضرب من التَّدْبِير

قَالَ الشَّيْخ رَحمَه الله إِن كنت على الشَّاهِد تقدره فَلَا تَجدهُ إِلَّا أَن لَا يقدر عَلَيْهِ أَو هُوَ لم يرد الْفِعْل بِهِ قَالَ وَمِنْهَا مَا يجب الْمَنْع فَدلَّ أَن الْمَنْع إِن وَجب وَجب لعِلَّة لَا لعَينه وَمَا يذكر من الْعلَّة فَإِن كَانَت أوجبت الإضطرار فَهُوَ الَّذِي قيل لَا يقدر عَلَيْهِ وَإِن كَانَ لَا يُوجب وَقد يملك الْقَهْر لَا بِالتَّعَدِّي فَهُوَ لَا يَسعهُ عندنَا وَهُوَ خَارج من الْعرف وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَقَالَ فِي جَوَاب مَا عورض بقوله {فَمن يرد الله أَن يهديه} أَن تَأْوِيله مَعْرُوف وَهُوَ أَن من أطاعة أَتَاهُ من لطائفه مَا لَا يقدر عَلَيْهِ غَيره وَسَماهُ بالأسماء الشَّرِيفَة وَحكم لَهُ بِالْأَحْكَامِ الرفيعة ثَوابًا لطاعته لِيَزْدَادَ لَهُ الرَّغْبَة كَقَوْلِه {وَالَّذين اهتدوا زادهم هدى} وَمن عَصَاهُ منع مِنْهُ مَا ذكر فيضيق صَدره كَمَا وصف وَلَا يفعل بِأحد ذَلِك إبتداء كالآية الَّتِي ذكرتها وَقَوله {وَمَا يضل بِهِ إِلَّا الْفَاسِقين} ثمَّ قَالَ فَلَا يجوز ذَلِك ابْتِدَاء من غير اسْتِحْقَاق الْعَدَاوَة وَالْولَايَة

<<  <   >  >>