وَالْأَصْل فِي الْقَضَاء وَالْقدر والتخليق والإرادة أَن لَا عذر لأحد بذلك لأوجه ثَلَاثَة أَحدهمَا أَن الله تَعَالَى قضى وَخلق وَمَا ذكر لما علم إِن ذَلِك يخْتَار ويؤثر وَبِمَا أَرَادَ وَخلق وَقضى يصلونَ إِلَيْهِ ويبلغون مَا أثروه فَلم يكن لَهُم الإحتجاج بِمَا هُوَ آثر الْأَشْيَاء عِنْدهم وأخيرها على مَا لم يكن لَهُم ذَلِك بِالْعلمِ وَالْكتاب والإخبار إِذْ كَانَت بِالَّتِي يكون مِنْهُم مختارين مؤثرين وَبِاللَّهِ نستعين
وَالثَّانِي إِن جَمِيع مَا كَانَ لم يحملهم على مَا هم فَعَلُوهُ لم يدفعهم إِلَيْهِ وَلَا إضطرهم بل هم على مَا هم عَلَيْهِ لَو لم يكن شَيْء من ذَلِك ويتوهم كَونهم بِلَا مَا ذكرت وَقد مكنوا أَيْضا من مضادات مَا عمِلُوا فَمَا ذَلِك إِذْ لم يضطرهم وَلم يحول عَنْهُم حَقِيقَة بِمَا علم كل مِنْهُم إِنَّه مُخْتَار مُؤثر فَاعل مُمكن من التّرْك لَا كخلق سَائِر الْجَوَاهِر والأعراض والأوقات والأمكنة الَّتِي فِيهَا تقع الْأَفْعَال وَإِن لم يحْتَمل كَون شَيْء من ذَلِك عذرا لَهُم أَو حجَّة لم يكن مَا نَحن فِيهِ حجَّة أَو عذرا وَالله الْمُوفق
وَالثَّالِث إِنَّه لم يخْطر شَيْء من ذَلِك ببالهم وَلَا كَانُوا عِنْد أنفسهم وَقت الْفِعْل إِنَّهُم يَفْعَلُونَ لشَيْء من ذَلِك فالإحتجاج لما لَيْسَ لذَلِك الْفِعْل عِنْد المحتج بَاطِل وَكَذَلِكَ الْعذر بِمَا لم يكن عِنْد نَفسه بِالَّذِي يفعل لَكَانَ ذَلِك بَاطِل مضمحل وَلَو كَانَ لَهُم بذلك احتجاج لَكَانَ لَهُم بالإخبار وبالعلم والتقوية وَنَحْو ذَلِك احتجاج على أَن لَهُم لَو كَانَ هَذَا اعتذار لَكَانَ لَهُم بِمَا جهلوا الْأَمر والنهى والوعد والوعيد بِمَا جهلوا موقع مأثمهم بِالْمحل الَّذِي وَقعت ولكان لَهُم بِمَا لَا يضر الله وَلَا يوهن سُلْطَانه وَلَا ينقص ملكه عذر وَلَو كَانَ لَهُم بذلك عذر لَكَانَ بِمَا خلقهمْ على الْعلم بِمَا يكون مِنْهُم عذر وَلَو كَانَ لَهُم فِي ذَلِك احتجاج لَكَانَ بِمَا هُوَ وَاضح لَهُم من ذَلِك كُله وَهُوَ الَّذِي يكون مثله وَقت الْفِعْل متصورا فِي الْوَهم من نَحْو الْكَرم والجود والغنى عَن تعذيبهم وَبِمَا هُوَ عَفْو غَفُور وَبِمَا لَيْسَ لَهُ فِي طاعتهم نفع وَلَا عَلَيْهِ فِي معصيتهم ضَرَر فَإِذا لم يكن الإحتجاج بِشَيْء من ذَلِك لم يكن فِي الأول فَإِن