وَلَو كَانَ فِي شَيْء تَسْمِيَة بالْكفْر فَهُوَ مجَاز اللُّغَة من حَيْثُ ذَلِك صنيعهم وَنَحْو ذَلِك على مَا يُقَال للمرء أَصمّ وأعمى بِمَا لَا يقف على حَقِيقَة مَا بذلك يُوصل إِلَيْهِ وَذَلِكَ نَحْو قَوْله {من كفر بِاللَّه من بعد إيمَانه} فَأثْبت اسْم الْكفْر فِيمَا كَانَ مِنْهُ على الْإِكْرَاه لفظا لَا تَحْقِيقا لما اطْمَأَن قلبه بِالْإِيمَان فَثَبت أَن قد يجوز تَسْمِيَته لنوازل مجَازًا فَمثله الْأَعْمَال وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا إِن الله تَعَالَى قَالَ {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة خيرا يره} ثمَّ مَعْلُوم أَنه لَا يرى الْخَيْر وجزاه مَعَ الشّرك وَلَا جزاه شَرّ فِي حَال الْكفْر يرى ذَلِك بعد الْإِيمَان لقَوْله تَعَالَى {وَمن يعْمل سوءا أَو يظلم نَفسه} وَقَوله {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} وَقَالَ {فَأُولَئِك يُبدل الله سيئاتهم حَسَنَات} دلّ مَا ذكرت من تَحْقِيق حَال فِيهَا جَزَاء الْأَمريْنِ وَذَلِكَ لَا يكون على قَول الْمُعْتَزلَة فِي وَقت الْكَبَائِر وَلَا فِي وَقت الصَّغَائِر وَكَذَا فِي قَول الْخَوَارِج وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ الله تَعَالَى قَالَ {إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ} وَمَعْلُوم أَن الشّرك قد يغْفر بِالتَّوْبَةِ فَبَطل بِهِ قَول من يَجعله لما قسم الْكتاب وَبَطل قَول من يبطل الْمَغْفِرَة فِي الْكَبَائِر بِلَا تَوْبَة لِأَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ جعل لنَفسِهِ مَشِيئَة الْمَغْفِرَة وَذَلِكَ