وَبعد إِذْ لم يكن وَاحِد مِنْهُمَا قدر أَن ينشيء فعلا يدل عَلَيْهِ ثَبت أَنَّهُمَا مفعولان لَا فاعلان وَمِمَّا يبين أَنَّهُمَا فعل لوَاحِد مَا لَيْسَ فِي الْعَالم شَيْء بجوهره خير حَتَّى لَا يكون مِنْهُ شَرّ فِي وَجه أبدا وَلَا شَرّ لَا يكون مِنْهُ خير فِي وَجه أبدا ثَبت أَن إِنْكَار مثله عَن الْوَاحِد غير مُمكن
ثمَّ الأَصْل أَن الإمتزاج لَا يَخْلُو من أَن يكون شرا أَو خيرا فَإِن كَانَ خيرا لَا يَخْلُو من أَن يكون من الظلمَة فَيكون مِنْهَا الْخَيْر وَبَطل قَوْلهم بالإثنين من حَيْثُ لَا يكون من الشَّرّ خير وَلَا من الْخَيْر شَرّ وَإِن كَانَ شرا فقد شَاركهُ الْخَيْر فِي الْقبُول فَصَارَ شرا وَإِن كَانَ ذَلِك من النُّور فالوجهان قائمان فِيهِ
مَعَ مَا إِذْ كَانَا غير ممتزجين فامتزجا لَا يَخْلُو امتزاجهما من أَن يكون بأنفسهما فيكونان ممتزجين بالجوهر متباينين بِهِ وَذَلِكَ متناقض وَلَو جَازَ ذَلِك لجَاز أَن