للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا على قَول الْمُعْتَزلَة إِذْ جعلُوا بَين الْكفْر وَالْإِيمَان منزلَة وَالله تَعَالَى وعد مَا ذكر بالإنتهاء عَن الْكفْر يلْزم أَن يكون صَاحب الْكَبِيرَة مغفورا لَهُ وخاصة الْكَافِر إِذا كَانَ مَعَ الإنتهاء من الْكفْر مرتكب الْكَبَائِر فَيجب بِالَّذِي ادّعى من الْعُمُوم فِي التخليد دفع الْعَذَاب وَالْمَغْفِرَة وَالله الْمُوفق

ثمَّ نقُول للمعتزلة قَوْلكُم لَا يُسمى صَاحب الْكَبِيرَة باسم الْإِيمَان وَلَا باسم الْكفْر ولايسمونه بِمَا لَا يسْتَحق وَاحِدًا من الإسمين أَو لَهُ أَحدهمَا وَلَا تعلمونه أَنْتُم فَإِن قَالُوا بِالْأولِ فَيُقَال لَهُم أَو قد أَتَى هُوَ بِكُل الْإِيمَان أَو بعضه أَو لم يَأْتِ بِشَيْء لذَلِك بَطل اسْمه فَإِن قَالَ بِالْأولِ أعظم القَوْل وَمنع عَنهُ اسْم فعله وَقد أَتَى بِهِ وَجَهل بربه حَيْثُ لم يُحَقّق مَا لَهُ اسْمه وَلَو جَازَ ذَا لجَاز أَن لَا يكون أحد جَاءَ بِالصّدقِ عِنْد الله فِي الْحَقِيقَة صَادِقا وَكَذَلِكَ قَائِم وقاعد وَذُو حَال لَا يجوز عِنْد الله كَذَلِك أَو الله يُعلمهُ كَذَلِك وعَلى ذَلِك مضادات الَّتِي ذكرنَا وَهَذَا آيَة جهلهم بِاللَّه وَإِن قَالَ بِالثَّانِي فقد شهد الله للَّذين آمنُوا بِبَعْض وَكَفرُوا بِبَعْض بِأَن قَالُوا نؤمن بِبَعْض ونكفر بِبَعْض كفَّارًا حَقًا لَزِمَهُم التَّسْمِيَة بذلك وَهُوَ رَأْي الْخَوَارِج وَإِن قَالُوا بالثالث فَهُوَ أبعد إِذْ الله تَعَالَى سمى الْمُؤمن بِبَعْض كَافِرًا فَمن لَيْسَ مَعَه شَيْء أَحَق بذلك وأيد هَذَا الأَصْل وَجْهَان أَحدهمَا مَا ذكرت من قسم الله الْبشر قسمَيْنِ فِي أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فقسمة الْمُعْتَزلَة على ثَلَاثَة أَقسَام تعدى لحد الله وَحقّ مثله أَن يُقَال لَهُ الله أذن لكم أم على الله تفترون أَو يُقَال أأنتم أعلم أم الله كَمَا قيل للْيَهُود وَالثَّانِي أَن الله تَعَالَى نفى الْإِيمَان فِي مُحكم تَنْزِيله عَن قوم على تَحْقِيق الْكفْر إِذْ قَالَ {وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} وَلم يخْطر ببال عَاقل أَنهم لَعَلَّهُم لَيْسُوا بكفار بل إِذا أزيل الْإِيمَان عَمَّن يكون لَهُ فعل الْإِيمَان فَإِنَّمَا يزَال بالْكفْر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَإِن قَالُوا لَا يعلم لَهُ أحد الإسمين وَله ذَلِك عِنْد الله كفوا مؤونة الجدل لِأَن مَا لَا يعلمونه أَكثر مِمَّا يُحْصى لَو لزم محاجتهم فِيهَا ليذْهب الْعُمر بَاطِلا وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

<<  <   >  >>