وَالثَّانِي هُوَ وصف من لَا يعرف الْمِنَّة وَالشُّكْر فَيعرض عَن قبولهما ويعاتب على مَا كَانَ حَقه التَّعْظِيم وَالْقَبُول فَإِن كَانَ هَذَا وصف الله عِنْد الْمُعْتَزلَة فَهُوَ قد بلغ مناه من التسمى بأقبح اسْم وَالْخُلُود فِي أَسْفَل الدَّرك نَعُوذ بِاللَّه من الشَّقَاء ثمَّ أطنب فِي هَذَا القَوْل لَكِن من أصل بنائِهِ مَا ذكرت فَمَا نُرِيد إطنابه إلابعدا عَن الْإِصَابَة وَبِاللَّهِ المعونة
ثمَّ أجَاب فِي قَوْله {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} أَنه كَقَوْلِه {وَمن يرتدد مِنْكُم عَن دينه} وَقد كَانَ سَمَّاهُ مُؤمنا من قبل وَالثَّانِي أَن يكون الإقتتال بِغَيْر سلَاح نَحْو المجاذبة أَو كَانُوا مجتهدين فَلَا يخرجُون بِهِ من الْإِيمَان
فَيُقَال إِذْ جرى الْأَمر بالإصلاح بَينهم وَتَسْمِيَة الْإِخْوَة بَطل معنى الرِّدَّة وَقَوله {فَقَاتلُوا الَّتِي تبغي} دلّ أَن الْبَاغِي كَانَ مَعْلُوما لَا أَن كَانَ ثمَّة اجْتِهَاد مَعَ مَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرهم أَبى لَهُم الإجتهاد إِلَى ذَلِك الْحَد ثمَّ دلّ الْأَمر بِالْقِتَالِ وَالصَّغِيرَة تكون مغفورة لَا يُقَابل عَلَيْهَا على أَن ذنوبهم قد كَبرت وَقد أبقى الله لَهُم اسْم الْإِيمَان وَالله الْمُوفق