للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالثَّانِي أَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ وعد أَن لَا يَجْزِي إِلَّا مثلهَا وَمثل الشّرك الَّذِي فِي الْعقل أكبر من كل ذَنْب مَعَ مَا لَا حَسَنَة يكون مَعَه وَمَعَ غَيره إِنَّمَا هُوَ الخلود فِي النَّار إِذْ مَعْلُوم أَن الْكَافِر يرضى بأضعاف مَا يعذب مَعَ النجَاة يَوْمًا من الدَّهْر فيبين ذَلِك أَن تَمام جَزَائِهِ الخلود فَإِذا كَانَ لغيره مثله فيجزى غَيره أَكثر من مثل الْفِعْل وَذَلِكَ جور فِي حكمته وَالله يجل عَنهُ فَهَذَا مَعَ مَا كَانَ مرتكب مَا دونه حَسَنَات وَلَيْسَ مَعَه وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَأَيْضًا أَن الْحُدُود فِي الدُّنْيَا جعلن كَفَّارَات لما يرتكب من الذُّنُوب فَلَو لم يكن فِيهَا تَكْفِير كَانَت تكون زيادات على عقوبات الْكفْر ومحال أَن يزْدَاد عُقُوبَة مَا دون الْكفْر فَثَبت أَنَّهَا كَفَّارَات وَلَا كَفَّارَة للكفر فِي الدُّنْيَا ثَبت أَنه لَا يحْتَمل فِي الْعقُوبَة فَجعلت أبدية وعقوبة غَيره بِحَدّ فَكَذَلِك الْعقُوبَة الموعودة فِيهِ وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

وَأَيْضًا أَن الله جلّ ثَنَاؤُهُ أخبر أَن الموعودة عُقُوبَة الَّذين كفرُوا وأضلوا غَيرهم ضعف عُقُوبَة من كفر وَلم يضل غَيره ثمَّ لَو كَانَ للْكَافِرِ عُقُوبَة غير الإضلال مثل عُقُوبَة الإضطلال لَكَانَ كل كَافِر عُقُوبَته مضاعفة لِأَنَّهُ لَا كَافِر إِلَّا مَعَه سوى الْكفْر كَبَائِر وَقد خص الله بالمضاعفة المضلين بقوله {وليحملن أثقالهم وأثقالا مَعَ أثقالهم} وَقَول الأتباع {رَبنَا هَؤُلَاءِ أضلونا} وَجعل لكل ضعفا فَبَطل أَن يكون ذَلِك عُقُوبَة الْكَبِيرَة بل هَل لَو كَانَت فِي الْكفْر كَانَ أَحَق للضعف مِنْهُ فِي الْإِسْلَام للمثل أَلا ترى أَنه يُعَاقب الْكَافِر بِجَمِيعِ الآثام من صغائر وكبائر وَلَا كَذَلِك أَمر من اعْتقد دين الْإِسْلَام وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

<<  <   >  >>