للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثمَّ الأَصْل أَنه من الْبعيد عَن الْعُقُول أَن يأتى الْمَرْء بِجَمِيعِ شَرَائِط الْإِيمَان ثمَّ لَا يكون مُسلما أَو يَأْتِي بِجَمِيعِ شَرَائِط الْإِسْلَام ثمَّ لَا يكون مُؤمنا ثَبت أَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَة وَاحِد وَمَعْلُوم أَن الَّذِي يسع لَهُ التسمى بِأَحَدِهِمَا يسع بِالْآخرِ وَأَن الَّذِي بِهِ يخْتَلف الْأَدْيَان إِنَّمَا هُوَ الإعتقاد لَا بِأَفْعَال سواهُ وبالوجود يسْتَحق كل الإسم الْمَعْرُوف لذَلِك وَجب مَا قُلْنَا وَقد قَالَ الله تَعَالَى {إِن الدّين عِنْد الله الْإِسْلَام} وَقَالَ {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ} فالمؤمن بِالصّفةِ الَّتِي يصير بهَا مُؤمنا لَا يَخْلُو من أَن يكون أَتَى بِالْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ الدّين عِنْد الله أَو أَتَى بِبَعْضِه لَا كُله أَو ابْتغى غير دين الله فَإِن قَالَ بِالْأولِ أذعن للحق وَإِن قَالَ بِالثَّانِي فَهُوَ إِذا لم يبتغ بِهِ دينا إِنَّمَا ابْتغى بعضه وَذَلِكَ بعيد بل شهد الله على مثله بِأَنَّهُ كَافِر حَقًا

وَبعد فَإِن كل كَافِر قد يأتى بِبَعْضِه ثمَّ لم يجب بِهِ الإسم وَقد سمى بِهِ من ذكرت ثَبت أَنه قد أَتَى بِالْكُلِّ وَإِن قَالَ بالثالث صير دَار الْمُؤمنِينَ النَّار وأبطل جَمِيع مَا جَاءَ بِهِ الرُّسُل من الْأَمر بِالْإِيمَان بهم ثمَّ لم يصر مُسلما بذلك وَجَاء بِمَا لَا يقبل مِنْهُ من الْأَدْيَان ثَبت أَنه التَّام من الدّين وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه

ثمَّ الإختلاف الَّذِي من خبر جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام قد روى فِي ذَلِك اخْتِلَاف فِي اللَّفْظ روى عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْإِيمَان ثمَّ عَن شرائع الْإِسْلَام فَأجَاب بِالَّذِي ذكر فِي السُّؤَال عَن الْإِسْلَام فَيكون هَذَا الْخَبَر تَفْسِيرا للْخَبَر الأول وَيحمل الْخَبَر الأول على جِهَتَيْنِ إِمَّا على أَن الرَّاوِي لم يسمع الشَّرَائِع فِي السُّؤَال أَو فِي الرِّوَايَة عَن الَّذِي رَوَاهُ فروى كَذَلِك يُؤَيّدهُ خبر ابْن عمر أَن ذَلِك قد كَانَ وَمن الْبعيد أَن يكون مِقْدَار الأول وَيُؤَيِّدهُ ابْن عمر لما يسْقط الشَّهَادَة بِمَا يخبر عَن جِبْرِيل وَعَن الرَّسُول بِغَيْر الَّذِي قَالَا وَغير مَدْفُوع حَقًا الْبَعْض على بعض فيرونه على مَا

<<  <   >  >>