وَأَيْضًا أَن جَمِيع مَا يذكر إِنَّمَا هُوَ نوع الْموَات إِلَّا من ذكر من الْآبَاء والأمهات مِمَّا يعلمُونَ أَن تدبيرهم لَا يبلغ مبادي الْأَوْلَاد وَأَنَّهُمْ يكونُونَ على غير مَا يأملون وَأَنَّهُمْ لَو فسدوا لَا يُمكن إصلاحهم وَأَن وسعهم لَا يبلغ مَا استتر من الْأَشْيَاء فضلا من تقديرها هُنَالك وَغير ذَلِك من الْوُجُوه الَّتِي يبطل كَون ذَلِك بهم وَنَوع الْموَات غير عَالم بِمَا فِيهِ من الْمَنَافِع وَلَا بِالَّذِي يحْتَمل مِنْهُم منع ذَلِك ثَبت أَن الَّذِي يكون بالإغتذاء وبالطبائع إِنَّمَا كَانَ ذَلِك فيهم بِجعْل حَكِيم عليم جعل كل شَيْء على مَا عَلَيْهِ من النَّفْع وَالضَّرَر
على أَنه فِي الْحَيَوَان معَان لَيْسَ فِي شَيْء مِمَّا وصف آثَار ذَلِك من نَحْو السّمع وَالْبَصَر وبخاصة فِي الْبشر من نَحْو النُّطْق والميز وَالْوُقُوف على أَشْيَاء مَعَ مَا كَانَ ذَلِك فِي أول الْأَحْوَال غير كَائِن وَلَا يربى إِلَّا بأغذية الْآبَاء والأمهات ثمَّ لم يُؤثر ذَلِك فيهم فَكيف فِي الْأَوْلَاد
وَبعد فَإِن كل شَيْء لَهُ حد إِذا بلغ ذَلِك الْحَد لَا يزْدَاد لَهُ طول وَلَا عرض وَلَا سمع وَلَا بصر وَلَا عقل بل يَأْخُذ كل شَيْء من ذَلِك بالإنتقاص على قيام الأغذية ودوام التربية عقل أَن ذَلِك كَذَلِك لَا بِمَا ذكر وَلَكِن بِمن هُوَ عَالم بِذَاتِهِ حَتَّى لَا يعزب عَنهُ شَيْء قَادر بِنَفسِهِ فَلَا يعجزه شَيْء جلّ ثَنَاؤُهُ
وَأَيْضًا أَنه مَا من شَيْء مِمَّا ذكر من أَنْوَاع الْجَوَاهِر إِلَّا وَقد يحْتَمل الْإِفْسَاد والإصلاح جَمِيعًا وَذَلِكَ أَيْضا كُله متضاد متدافع لَا يحْتَمل الإجتماع للتعاون ثَبت أَنَّهَا كَانَت على مَا عَلَيْهِ بغَيْرهَا إِذْ كل شَيْء على جِهَة بِنَفسِهِ لَا يحْتَمل التَّغَيُّر مَا دَامَت نَفسه وَبِاللَّهِ الْعِصْمَة
وَأَيْضًا أَن كل حَيّ فِيمَا يعاين مبْنى على الْحَاجَات والشهوات الَّتِي تغلبهم