وَالثَّانِي قَول مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {رب أَرِنِي أنظر إِلَيْك} وَلَو كَانَ لَا يجوز الرُّؤْيَة لَكَانَ ذَلِك السُّؤَال مِنْهُ جهل بربه وَمن يجهله لَا يحْتَمل أَن يكون موضعا لرسالته أَمينا على وحيه
وَبعد فَإِن الله تَعَالَى لم يَنْهَهُ وَلَا أيأسه وَبِدُون ذَلِك نهى نوحًا وعاتب آدم وَغَيرهمَا من الرُّسُل وَذَلِكَ لَو كَانَ لَا يجوز يبلغ الْكفْر ثمَّ قَالَ {فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَسَوف تراني} فَإِن قيل لَعَلَّه سَأَلَ آيَة يعلم بهَا قيل لَا يحْتَمل ذَلِك لوجوه أَحدهَا أَنه قَالَ {لن تراني} وَقد أرَاهُ
وَأَيْضًا إِن طلب الْآيَات يخرج مخرج التعنت أَو قد أرَاهُ الْآيَات وَذَلِكَ تعنت الْكَفَرَة أَنهم لَا يزالون يطْلبُونَ الْآيَات وَإِن كَانَت الْكِفَايَة قد ثبتَتْ فَمثله ذَلِك
وَأَيْضًا أَنه قَالَ {فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَسَوف تراني} وَالْآيَة الَّتِي يسْتَقرّ مَعهَا الْجَبَل دون الْآيَة الَّتِي لَا يسْتَقرّ مَعهَا ثَبت أَنه لم يرد بذلك الْآيَة وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
وَأَيْضًا مُحَاجَّة إِبْرَاهِيم قومه فِي النُّجُوم وَمَا ذكر بالأفول والغيبة وَلم يحاجهم بِأَن لَا يحب رَبًّا يرى وَلَكِن حاجهم بِأَن لَا يحب رَبًّا يأفل إِذْ هُوَ دَلِيل عدم الدَّوَام وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute