وَمثل الإستاذ أبي بكر بن فورك الْأَصْفَهَانِي رَضِي الله عَنهُ الَّذِي لم ير مثله فِي نشر دينه وَقُوَّة يقينه وَله أَكثر من مائَة وَعشْرين تصنيفا فِي نشر الدّين وَالرَّدّ على الْمُلْحِدِينَ وَتَحْقِيق أصُول الدّين وَله فِي الْإِسْلَام آثَار ظَاهِرَة وَلَو لم يخرج من مَجْلِسه من المتزهدين والأقوياء فِي نصْرَة الدّين إِلَّا الْأُسْتَاذ الإِمَام أَبُو مَنْصُور الأيوبي رَضِي الله عَنهُ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يفر من حسه شَيْطَان كل ملحد على وَجه الأَرْض لقُوَّة نظره وَحسن عِبَارَته ولطافته فِي الرَّد على خَصمه وَله كتاب التَّلْخِيص وَلَو لم يكن لهل السّنة وَالْجَمَاعَة فِي الرَّد على أهل الْإِلْحَاد والبدعة سوى ذَلِك الْكتاب فِي حسن بَيَانه ولطافة ترتيبه وتهذيبه كَانَ فِيهِ الْكِفَايَة فِي حسنه مَعَ مَا لَهُ من التصانيف الْأُخَر الَّتِي تداولتها أَيدي أهل الأقاليم بِحسن الْبَيَان ولطافة التنميق
وَلَو لم يكن لأهل السّنة وَالْجَمَاعَة من مُصَنف لَهُم فِي جَمِيع الْعُلُوم على الْخُصُوص والعموم إِلَّا من كَانَ فَرد زَمَانه وَوَاحِد أقرانه فِي معارفه وعلومه وَكَثْرَة الْغرَر من تصانيفه وَهُوَ الإِمَام أَبُو مَنْصُور عبد القاهر بن طَاهِر بن مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ التَّمِيمِي قدس الله روحه وَمَا من علم من الْعُلُوم إِلَّا وَله فِيهِ تصانيف وَلَو لم يكن لَهُ من التصانيف إِلَّا كتاب الْملَل والنحل فِي أصُول الدّين وَهُوَ كتاب لَا يكَاد يسع فِي خاطر بشر أَنه يتَمَكَّن من مثله لِكَثْرَة مَا فِيهِ من فنون علمه وتصانيفه فِي الْكَلَام وَالْفِقْه والْحَدِيث والمقدرات الَّتِي هِيَ أم الدقائق تخرج عَن الْحصْر لم يسْبق إِلَى مثل كتبه فِي هَذِه الْأَنْوَاع مَعَ حسن عِبَارَته وعذوبة بَيَانه ولطافة كَلَامه فِي جَمِيع كتبه
وَقد تأملنا مَا جمعه هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّة فِي أصُول التَّوْحِيد من الْكتب البسيطة والوجيزة وَمن تقدم من سادة الْأَئِمَّة وأعيان أهل السّنة وَالْجَمَاعَة فجمعنا نكتهم فِي كتاب الْأَوْسَط بعبارات قريبَة وألفاظ وجيزة أتباعا لآثارهم وَبِنَاء على مقالاتهم وَالله تَعَالَى قد ينفع بِجَمِيعِ مَا تيَسّر من التصانيف فِي الْفِقْه والفرائض