أَن يخْتَص بفضله من يَشَاء من خلقه وَله التَّسْوِيَة بَين سَائِرهمْ فَإِن ذَلِك أجمع عدل مِنْهُ وصواب من تَدْبيره
فَإِن قَالُوا لِأَن تَفْضِيل أحد المتجانسين على الآخر فِي الشَّاهِد سفه منا فَوَجَبَ الْقَضَاء بذلك على الْقَدِيم تَعَالَى قيل لَهُم وَلم قُلْتُمْ إِن ذَلِك سفه وَمَا أنكرتم من أَنه جَائِز لنا وصواب فِي حكمتنا أَن نحبو بعض عبيدنا وأصدقائنا والمتصرفين مَعنا كتصرف غَيره بِأَكْثَرَ مِمَّا مِمَّا نحبو بِهِ غَيره ونفضله بعطاء وتشريف لَا يسْتَحقّهُ أَكثر مِمَّا نحبو بِهِ غَيره فَلم قُلْتُمْ إِن هَذَا سفه وقبيح من فعلنَا
وَيُقَال لَهُم نَحن نمنعكم أَشد الْمَنْع من أَن يكون فِي الْعقل بِمُجَرَّدِهِ طَرِيق لقبح فعل أَو لحسنة أَو حظره أَو إِبَاحَته أَو إِيجَابه ونقول إِن هَذِه الْأَحْكَام بأسرها لَا تثبت للأفعال إِلَّا بِالشَّرْعِ دون قَضِيَّة الْعقل وسنتكلم على هَذَا الْبَاب وَمَا يتَّصل بِهِ فِي بَاب التَّعْدِيل والتجوير من كتَابنَا هَذَا إِن شَاءَ الله فَإِن قَالُوا لَو حسن من الله مَا قُلْتُمْ لحسن من الله أَن يشْكر ويثنى على من لم يعْمل شَيْئا أَو من قل فعل الْبر مِنْهُ بِأَكْثَرَ مِمَّا يشْكر ويثني على الْعَامِل الزَّاهِد الْمُجْتَهد قيل لَهُم لم قُلْتُمْ ذَلِك ثمَّ يُقَال لَهُم مَا أنكرتم أَن يكون الْفرق بَينهمَا أَن الشُّكْر وَالثنَاء على الْمَرْء بِمَا لم يكن مِنْهُ كذب وَالْكذب مُسْتَحِيل على الله تَعَالَى إِذْ كَانَ الصدْق من صِفَات نَفسه ولغير ذَلِك كَمَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ الْجَهْل وَالْعجز والتفضل على من لم يعْمل أَو على من عمل أقل من عمل غَيره بِأَكْثَرَ من التفضل