للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونضطر إِلَى صدق نقلهم فِيمَا أخبروا بِهِ عَن مُشَاهدَة واضطرار

وَفِي علمنَا بِخِلَاف ذَلِك من أَنْفُسنَا وَعلمنَا أَن كثيرا من الدهرية وَأهل الْملَل يُنكر حسن النّظر جملَة وَقَول كثير من الثنوية إِنَّه بَاطِل وَإنَّهُ سفه وَشر وَإنَّهُ من تَدْبِير الظلام لِأَنَّهُ يُورث الْعَدَاوَة والأحقاد وَيخرج إِلَى الْهَرج وَالْفساد وَاسْتِحْلَال الدِّمَاء وَالْأَمْوَال دَلِيل على أَن الْعلم بِوُجُوبِهِ أبعد عَن أَن يكون اضطرارا

وَكَيف يعلم وُجُوبه اضطرارا من لَا يعلم حسنه اضطرارا أَو يعْتَقد وجوب تَركه وقبحه هَذَا غَايَة البهت مِمَّن صَار إِلَيْهِ من لبراهمة والمعتزلة

وَيُقَال لَهُم فِي قَوْلهم إِنَّا نعلم وجوب شكر الْمُنعم وَترك الْكفْر بِهِ اضطرارا مَا الْفرق بَيْنكُم وَبَين من قَالَ إِنَّكُم تعلمُونَ بطلَان ذَلِك اضطرارا فَلَا يَجدونَ لذَلِك مدفعا

وَكَذَلِكَ يُقَال لَهُم لَو علمْتُم حسن إلذاذ غَيْركُمْ لكم إِذا قصد نفعكم وقبح إيلامه لكم إِذا قصد الاضرار بكم لوَجَبَ أَن نعلم من حسن ذَلِك أَو قبحه مَا علمْتُم من غير سمع وتوقيف على حسن ذَلِك وقبحه اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يعنوا بالْحسنِ ميل الطباع إِلَى فعل اللَّذَّات ونفورها عَن فعل الآلام فَهَذَا لعمري مَعْلُوم حسا وَلَكِن لَيْسَ ميل الطباع إِلَى الشَّيْء يَقْتَضِي شكر فَاعله وَلَا نفورها عَنهُ يَقْتَضِي قبحه وذمه على سَبِيل مَا تَدعُونَهُ فَبَطل مَا تعلقتم بِهِ

وَإِن قَالُوا لَو كَانَ الْعلم بِوُجُوب هَذِه الْأُمُور وقبح الْقَبِيح الَّذِي

<<  <   >  >>