بمصلحة فَإِن قَالُوا الآلام وَالْعِقَاب إِنَّمَا توقع بهم بعد التفضل باللذات على سَبِيل الْجَزَاء الانتقام وَكَانَ ذَلِك هُوَ الصّلاح لَهُم لِأَنَّهُ أزْجر لَهُم عَن الْمعْصِيَة وأدعى إِلَى الطَّاعَة قيل لَهُم اعْمَلُوا على أَن ذَلِك كَمَا ادعيتم أَلَيْسَ قد كَانَ الله تَعَالَى ابتدأهم بالتفضل باللذة فَلَمَّا عصوه أبدلهم بهَا ألما وسقما على سَبِيل النقمَة فَهَل بدا لَهُ من فعل اللَّذَّة وَمثلهَا فَإِن قَالُوا أجل تركُوا دينهم وَإِن قَالُوا لَا وَلَكِن التفضل فِي وَقت باللذات أصلح لَهُم والانتقام بعد ذَلِك بالآلام على الإجرام أصلح لَهُم من اللَّذَّات قيل لَهُم فَمَا أنكرتم من مثل ذَلِك فِي الْأَمر لَهُم بالشَّيْء فِي وَقت النَّهْي عَن مثله فَيكون كَفعل الشَّيْء فِي وَقت وَترك مثله بعده
ثمَّ يُقَال لَهُم مَا تَقولُونَ أَيْضا فِي إيلام الْأَطْفَال والبهائم والمجانين بعد إلذاذهم وَنقض بنيتهم بعد صِحَّتهَا وتقطع جوارحهم بعد سلامتهم والذهاب بأسماعهم وأبصارهم أتقولون إِن ذَلِك على سَبِيل الانتقام مِنْهُم فَإِن قَالُوا أجل تركُوا قَوْلهم وَلَحِقُوا بِأَهْل التناسخ الَّذين يَقُولُونَ إِن هَذِه الْأَرْوَاح المحبوسة فِي الْبَهَائِم والأطفال قد غضب الله عَلَيْهِم ونقلهم فِي الأكوان والأدوار وَذَلِكَ ترك قَوْلهم وَإِن قَالُوا لَيْسَ تغير حالات الْأَطْفَال فِي هَذِه الْأُمُور انتقاما وَلَكِن ذَلِك على سَبِيل الْمصَالح فَقَط قيل لَهُم مثله فِي الْأَمر بالشَّيْء فِي وَقت وَالنَّهْي عَن مثله بعده
وَكَذَلِكَ يسْأَلُون عَن نقض الجماد بعد تأليفه وتربيعه بعد تسديسه وترطيبه بعد تيبيسه وتحريكه بعد تسكينه وتسويده بعد تبييضه وَغير ذَلِك من تغير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute