بَاب فِي أَنه لَا يجوز أَن يكون فَاعل المحدثات مُحدثا
وَلَا يجوز أَن يكون فَاعل المحدثات مُحدثا بل يجب أَن يكون قَدِيما وَالدَّلِيل على ذَلِك أَنه لَو كَانَ مُحدثا لاحتاج إِلَى مُحدث لِأَن غَيره من الْحَوَادِث إِنَّمَا احْتَاجَ إِلَى مُحدث من حَيْثُ كَانَ مُحدثا وَكَذَلِكَ القَوْل فِي محدثه إِن كَانَ مُحدثا فِي وجوب حَاجته إِلَى مُحدث آخر وَذَلِكَ محَال لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِيل وجود شَيْء من الْحَوَادِث إِذا كَانَ وجوده مَشْرُوطًا بِوُجُود لَا غَايَة لَهُ من الْحَوَادِث شَيْئا قبل شَيْء وَهَذَا هُوَ الدَّلِيل على إبِْطَال قَول من زعم من أهل الدَّهْر أَن الْحَوَادِث لَا أول لوجودها
بَاب الْكَلَام فِي أَن صانع الْعَالم وَاحِد
وَلَيْسَ يجوز أَن يكون صانع الْعَالم اثْنَيْنِ وَلَا أَكثر من ذَلِك وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن الِاثْنَيْنِ يَصح أَن يختلفا وَيُوجد أَحدهمَا ضد مُرَاد الآخر فَلَو اخْتلفَا وَأَرَادَ أَحدهمَا إحْيَاء جسم وَأَرَادَ الآخر إماتته لوَجَبَ أَن يلحقهما الْعَجز أَو وَاحِدًا مِنْهُمَا لِأَنَّهُ محَال أَن يتم مَا يُريدَان جَمِيعًا لتضاد مراديهما فَوَجَبَ أَن لَا يتما أَو يتم مُرَاد أَحدهمَا فَيلْحق من لم يتم مُرَاده الْعَجز أَو لَا يتم مرادهما فيلحقهما الْعَجز وَالْعجز من سمات الْحَدث وَالْقَدِيم الْإِلَه لَا يجوز أَن يكون عَاجِزا
بَاب فِي أَن صانع الْعَالم حَيّ
فَإِن قَالَ قَائِل فَمَا الدَّلِيل على أَن صانع الْأَشْيَاء حَيّ قيل لَهُ الدَّلِيل على ذَلِك أَنه فَاعل عَالم قَادر وَالْفَاعِل الْعَالم الْقَادِر لَا يكون إِلَّا حَيا