وَزعم البغداديون مِنْهُم والنظام من الْبَصرِيين أَيْضا أَن الْقَدِيم سُبْحَانَهُ قد استصلح عباده بغاية مَا يقدر عَلَيْهِ من الصّلاح وَأَنه لَيْسَ فِي خزائنه وَلَا فِي سُلْطَانه وَلَا يتَوَهَّم مِنْهُ صَلَاح يقدر عَلَيْهِ أَكثر مِمَّا قد استصلحهم بِهِ فِي دينهم ودنياهم
وَزعم البصريون مِنْهُم خَاصَّة أَنه تَعَالَى قد استصلح عباده بغاية مَا فِي قدرته من الصّلاح فِي بَاب دينهم خَاصَّة وَأَنه لَا يقدر على صَلَاح لَهُم فِي بَاب الدّين أصلح مِمَّا فعله بهم
فأوجبوا جَمِيعًا تناهي مقدوراته وَأَنه يقدر على صَلَاح لَا يقدر على مثله وَلَا على الزِّيَادَة عَلَيْهِ
وَزعم البصريون والبغداديون أَنه يكون فِي سُلْطَانه مَا يكرههُ وَلَا يُريدهُ وَأَنه يكون شاءه أم أَبَاهُ وَأَنه يُرِيد أبدا مَا لَا يكون وَيكون مَا لَا يُرِيد ردا لما اتّفق عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ من أَن مَا شَاءَ الله كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن
وَقَالُوا جَمِيعًا إِلَّا من شَذَّ مِنْهُم إِن الله تَعَالَى لَا يرى فِي الْمعَاد ردا لِلْقُرْآنِ وجحدا للسنن والْآثَار
قَالَ الله تَعَالَى {وُجُوه يَوْمئِذٍ ناضرة إِلَى رَبهَا ناظرة}
وَقَالَ {فَإِن اسْتَقر مَكَانَهُ فَسَوف تراني} وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (ترَوْنَ ربكُم كَمَا ترَوْنَ الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر
وَكَيف بكم إِذا رَأَيْتُمْ الله فِي أَخْبَار يطول ذكرهَا