فَإِن قَالُوا قد لَا يكون فِي الْمَعْلُوم شَيْء يُؤمنُونَ عِنْده فَلَا يلْحق الْعَجز بفقد الْقُدْرَة عَلَيْهِ
قيل لَهُم وَقد لَا يكون فِي الْمَعْلُوم شَيْء يلتجئون عِنْد فعله بهم إِلَى الْإِيمَان بِهِ وَإِن يقطعوا إربا إربا وَأنزل عَلَيْهِم أعظم الْعَذَاب والنكال والآلام بِأَن يعلم أَنهم لَا يختارون عِنْد شَيْء من ذَلِك فعل الْإِيمَان
فَلَا يجب بِنَفْي الْقُدْرَة عَلَيْهِ إِثْبَات عجز عَنهُ
وَلَا جَوَاب عَن هَذَا
وَمِمَّا يدل على أَن الله تَعَالَى مُرِيد لجَمِيع أَفعَال الْعباد أَنه لَو كَانَ فِي سُلْطَانه مِنْهَا مَا لَيْسَ بمريد لكَونه للحقه الْعَجز وَالتَّقْصِير عَن بُلُوغ المُرَاد
وَكَذَلِكَ لَو أَرَادَ مِنْهَا مَا لم يكن كَمَا أَنه لَو أَرَادَ من فعل نَفسه مَا لم يكن أَو كَانَ مِنْهُ عندنَا وَعِنْدهم مَا لم يردهُ وَهُوَ مِمَّا يَصح أَن يكون مرَادا لدل ذَلِك على عَجزه وتقصيره وَتعذر الْأَشْيَاء عَلَيْهِ
فَلَا فرق فِي ذَلِك بَين فعل نَفسه وَفعل خلقه الَّذِي جعله لَهُم كسبا كَمَا أَنه لَا فرق بَين أَن يكون من فعل نَفسه مَا لَا يعلم وَلَا يكون مِنْهُ مَا علم أَنه يكون وَبَين أَن لَا يكون من خلقه مَا يعلم أَنه يكون وَبَين أَن يكون مِنْهُم مَا علم أَنه لَا يكون فِي إِيجَابه لتجهيله تَعَالَى عَن ذَلِك
فَإِن قَالُوا فَيجب إِذا كَانَ من خلقه مَا لم يَأْمُرهُم بِهِ أَن يدل ذَلِك على عَجزه
قيل لَهُم هَذَا سَاقِط بِاتِّفَاق لِأَنَّهُ قد كَانَت أَكثر أَفعاله وَلم يَأْمر بهَا أحدا من خلقه وَلم يلْحقهُ الْعَجز