قديمَة لِأَن الطبيعة لم تزل مَوْجُودَة وَلَا مَانع من وجود الْحَوَادِث الْمُوجبَة عَنْهَا فَيجب وجودهَا مَعَ الطبيعة فِي الْقدَم كَمَا يجب اعْتِمَاد الْحجر مَعَ وجود طبعه وإحراق النَّار وانحلال الطَّبْع والإسكار مَعَ وجود طبع النَّار والسقمونيا وَالشرَاب إِذا لم يمْنَع من ذَلِك مَانع فَكَذَلِك يجب وجود الْعَالم فِي الْقدَم وَإِن كَانَ مُحدثا مَعَ وجود الطَّبْع الْكَائِن عَنهُ عِنْدهم
إِذا لم يمْنَع من ذَلِك مَانع وَفِي إطباقنا وإياهم على اسْتِحَالَة قدم الْحَوَادِث دَلِيل على أَنَّهَا لَا يجوز أَن تكون حَادِثَة عَن طبيعة قديمَة
فَإِن قَالُوا هَذَا يلزمكم فِي قَوْلكُم إِن صانع الْعَالم لم يزل قَادِرًا على إيجاده لِأَن قدرته على الإيجاد قديمَة قُلْنَا لَا يجب ذَلِك من وَجْهَيْن أَحدهمَا أننا نَحن لَا نزعم أَن الْقَدِيم سُبْحَانَهُ قَادر بقدرة فِي الْأَزَل على أَن تكون الْأَفْعَال مَعَ الْقُدْرَة وَإِنَّمَا تَقول إِنَّه قَادر على أَن يسْتَأْنف الْأَفْعَال وعَلى أَن يحدثها فِي زمَان قد كَانَت قبله مَعْدُومَة ومحال أَن تكون قدرَة على مَا لم يكن مَعْدُوما قبل وجوده فَلم يجب قدم الْأَفْعَال لقدم الْقُدْرَة عَلَيْهَا