للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الله تَعَالَى {الله ولي الَّذين آمنُوا} وَقَالَ عز وَجل {وَبشر الَّذين آمنُوا أَن لَهُم قدم صدق عِنْد رَبهم}

وَقد بَينا فِيمَا سلف أَن الْفَاسِق الملي مُؤمن بِمَا يُغني عَن إِعَادَته

فَوَجَبَ أَن يكون وليا لله تَعَالَى بإيمانه وَبِمَا مَعَه من طاعاته والتقرب إِلَيْهِ

وَقَوله عز وَجل {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما} فَالْمُرَاد بِهِ إِرَادَته لإثابتهم على إِيمَانهم فِي الْآخِرَة وطاعاتهم لَهُ لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يثيبهم على الْإِيمَان

وإرادته أَيْضا إِرَادَة للْحكم عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا بِأَحْكَام الْمُؤمنِينَ من المناكحة والموارثة وعيادة مريضهم ودفنهم فِي مَقَابِر الْمُسلمين

وَيحْتَمل أَن يكون أَرَادَ بقوله تَعَالَى {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رحِيما} أَنه رَحِيم بهم فِي كل شَيْء إِلَّا مَا علم أَنه يجازيهم عَلَيْهِ من ذنوبهم

فَبَطل مَا قَالُوهُ

وَأما الْفَاسِق من الْمُؤمنِينَ فَلَا يجوز أَن يكون معاديا لله بمعصيته مَعَ إِقْرَاره بِوُجُودِهِ وإيمانه بربه وتصديقه لَهُ لِأَن الْعَدَاوَة لله متضمنة للكفر بِهِ

وَقد يُمكن أَن يكون الله سُبْحَانَهُ إِنَّمَا تعبدنا بذم الْفَاسِق ولعنه وَجلده وقطعه محنة لَهُ ليثيبه على ذَلِك فِي الْآخِرَة كَمَا أَمر بجلد التائب وقطعه محنة لَهُ ليثيبه على ذَلِك فِي الْمعَاد

بل فَلَا جِهَة لَهُم فِي ذمّ الْفَاسِق وَحده

فَإِن قَالُوا لَو كَانَ مَعَ الْفَاسِق إِيمَان يسْتَحق بِهِ الثَّوَاب والتعظيم فِي

<<  <   >  >>