فَلَيْسَ وَليهَا من مَوْلَاهَا فِي شَيْء لِأَن أَبَا الْمَرْأَة وَأُخُوَّتهَا وَبني عَمها أولياؤها وَلَيْسوا بمول لَهَا وَإِن كَانَ ولي الْأمة مولى لَهَا لِأَنَّهُ لم يكن مولى لَهَا من حَيْثُ كَانَ وَليهَا لِأَن مَا ذَكرْنَاهُ ولي وَلَيْسَ بمولى وَقَول الأخطل فَأَصْبَحت مَوْلَاهَا إِنَّمَا اراد ناصرها والحامي عَنْهَا لِأَن الْمولى يكون بِمَعْنى النَّاصِر وَكَانَ عبد الْملك بن مَرْوَان إِذْ ذَاك أقدر على نصرها وأشدها تمَكنا من ذَلِك فَلهَذَا قَالَ وَأَحْرَى قُرَيْش أَن تهاب وتحمدا أَي إِنَّك أقدرها على إعزاز ونصرة وإجلال وإهابة وَإِذا كَانَ ذَلِك كَذَلِك بَطل مَا قُلْتُمْ
وعَلى أَنه لَو ثَبت أَن معنى مَوْلَاهُ معنى أولى وَإِن كَانَ مُحْتملا لوجوه أخر لم يجب أَن يكون المُرَاد بقوله فَمن كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ من كنت أولى بِهِ وَإِن نسق بعض الْكَلَام على بعض وَكَانَ ظَاهره يَقْتَضِي ذَلِك لدَلِيل صرفه عَمَّا يَقْتَضِيهِ وَهُوَ أَن الْأمة مجمعة على أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أوجب مَا أوجبه بقوله (مَا كنت مَوْلَاهُ فعلي مَوْلَاهُ) فِي وَقت وُقُوع هَذَا القَوْل فِي طول أَيَّام حَيَاة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَو كَانَ إِنَّمَا أثبت لَهُ الْولَايَة عَلَيْهِم وَجعله أولى بهم وألزمهم طَاعَته والانقياد لأوامره لوَجَبَ أَن يكون قد أثْبته إِمَامًا وَأوجب الطَّاعَة لَهُ آمرا وناهيا فيهم مَعَ وجوده سَائِر مدَّته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا أَجمعت الْأمة على فَسَاد ذَلِك وَإِخْرَاج قَائِله من الدّين ثَبت أَنه لم يرد بِهِ فَمن كنت مَوْلَاهُ من كنت أولى بِهِ وَلم يرد بقوله فعلي مَوْلَاهُ أَنه أولى بِهِ
وَيدل على ذَلِك أَيْضا ويؤكده مَا يَرْوُونَهُ من قَول عمر أَصبَحت مولَايَ وَمولى كل مُؤمن فَأخْبر أَنه قد ثَبت كَونه مولى لَهُ وَلكم مُؤمن فَلم يُنكر