الْإِمَامَة لأهل الْحق مِنْهُم دون غَيرهم مِمَّن كفر أَو فسق وضل بتأويله الْخَطَأ فِي الدّين وَقد قَامَ الدَّلِيل على أَن هَذِه الْفرْقَة هم أَصْحَابنَا دون الْمُعْتَزلَة والنجارية وَغَيرهم من الْفرق المنسوبة إِلَى الْأمة فَإِن تمَكنا من ذَلِك حملناهم على الانقياد لمن نعقد لَهُ فَإِن دفعونا عَنهُ وعقدوا لبَعض موافقيهم فَلَيْسَ لَهُ إِمَامَة ثَابِتَة وَلَا طَاعَة وَاجِبَة وَكُنَّا نَحن فِي دَار قهر وَغَلَبَة وَإِن تقاومت الْفرق وتمانعت فَتلك فتْنَة يقوم الْعذر بهَا فِي ترك العقد وَإِن انحاز أهل الْحق إِلَى فِئَة ونصبوا حَربًا وَرَايَة وعقدوا لرجل مُهِمّ كَانَ هُوَ الإِمَام دون غَيره من أهل الضلال فَلَيْسَ هَذَا التمانع إِن اتّفق أكبر من تمانع الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُسْلِمين إِذا حصلوا فِي دَار وَاحِدَة وتمانعوا وحاول أهل كل دين مِنْهُم إِقَامَة الرياسة لَهُم وتنفيذ أحكامهم فِي الدَّار وَلَا بِأَعْجَب من غَلَبَة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وصحابه بِمَكَّة وَتعذر إِقَامَة الْحق فِيهَا قبل الْفَتْح وَالْهجْرَة فَذَلِك حكم تغالب فرق الْأمة وقهرهم الْفرْقَة الهادية إِن اتّفق ذَلِك وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
بَاب الْكَلَام فِي صفة الإِمَام الَّذِي يلْزم العقد لَهُ
فَإِن قَالَ قَائِل فخبرونا مَا صفة الإِمَام الْمَعْقُود لَهُ عنْدكُمْ قيل لَهُم يجب أَن يكون على أَوْصَاف مِنْهَا أَن يكون قرشيا من الصميم وَمِنْهَا أَن يكون من الْعلم بِمَنْزِلَة من يصلح أَن يكون قَاضِيا من قُضَاة الْمُسلمين وَمِنْهَا أَن يكون ذَا بَصِيرَة بِأَمْر الْحَرْب وتدبير الجيوش والسرايا وسد الثغور وحماية الْبَيْضَة وَحفظ الْأمة والانتقام من ظالمها وَالْأَخْذ لمظلومها وَمَا يتَعَلَّق بِهِ من مصالحها وَمِنْهَا أَن يكون مِمَّن لَا تلْحقهُ رقة وَلَا هوادة فِي إِقَامَة الْحُدُود وَلَا جزع لضرب الرّقاب والأبشار وَمِنْهَا أَن يكون من أمثلهم فِي الْعلم وَسَائِر هَذِه الْأَبْوَاب الَّتِي يُمكن التَّفَاضُل فِيهَا إِلَّا أَن يمْنَع عَارض من إِقَامَة الْأَفْضَل فيسوغ نصب الْمَفْضُول وَلَيْسَ من صِفَاته أَن يكون مَعْصُوما وَلَا عَالما بِالْغَيْبِ وَلَا أَفرس الْأمة وأشجعهم وَلَا أَن يكون من بني هَاشم فَقَط دون غَيرهم من قبائل قُرَيْش
فَإِن قَالَ قَائِل وَمَا الدَّلِيل على مَا وصفتم قيل لَهُ أما مَا يدل على أَنه لَا يجوز إِلَّا من قُرَيْش فأمور مِنْهَا قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الْأَئِمَّة