للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأبي بكر امْضِ لشأنك وأنفذ أَمرك واعهد إِلَى عمر فَإِنَّهُ أهل لَهَا وَمَا هَذَا نَحوه

وَقَالَ عُثْمَان لقد أحضرني أَبُو بكر وَقَالَ لي اكْتُبْ هَذَا مَا عهد بِهِ أَبُو بكر عبد الله بن قُحَافَة آخر عَهده بالدنيا وَقت يسلم فِيهَا الْكَافِر ويبر فِيهَا الْفَاجِر وَثقل لِسَانه فَلم يبن عَن نَفسه فَكتبت إِلَى عمر فَلَمَّا أَفَاق قَالَ لي من كتبت قَالَ عُثْمَان قلت عمر فَقَالَ أصبت مَا فِي نَفسِي وَلَو كتبت نَفسك لَكُنْت لَهَا موضعا مطيبا لنَفسِهِ وتوخيا لرضاه وتركا للتعسف والجبرية فَلم يخب فِي عمر رَأْيه وَلَا خَابَ ظَنّه بل زَاد على مَا أمله مِنْهُ وَقدره فِيهِ وَظهر من جلده وشدته فِي الله وصرامته مَا لَا خَفَاء بِهِ فَافْتتحَ الْفتُوح وجند الأجناد ومصر الْأَمْصَار واستأصل الْمُلُوك وَاسْتولى على دِيَارهمْ وأبعدهم عَن ممالكهم وَتَنَاول نفوس أَكْثَرهم وَصلح بنظره الْحَاضِر والبادي والقاصي والداني وقومهم بِالدرةِ دون السَّيْف وَأقَام الدعْوَة وَقَالَ لَئِن عِشْت للْمُسلمين ليبلغن الرَّاعِي حَقه بعدن من هَذَا المَال متواضعا فِي جَمِيع ذَلِك لرَبه خَاشِعًا لأَمره غير وان فِي شَيْء مِمَّا يلْزمه الْقيام بِهِ لَا تغيره الإمرة وَلَا تبطره النِّعْمَة وَلَا يستطيل على مُؤمن بسلطانه وَلَا يحابي أحدا فِي الْحق لعظم شَأْنه وَلَا يدع استخراجه للضعيف لضَعْفه وَلَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم يحمل الجرة بِنَفسِهِ ويلبس المرقع ويباشر نَفَقَة الأرامل وَأهل الْمنَازل بِنَفسِهِ وَيَطوف عَلَيْهِم فِي ليله ونهاره حَتَّى سمع فِي بعض اللَّيَالِي قَول امْرَأَة لبَعض أهل الْبعُوث تَقول

(تطاول هَذَا اللَّيْل وازور جَانِبه ... وأرقني أَلا حبيب ألاعبه)

(فوَاللَّه لَوْلَا الله لَا شَيْء غَيره ... لزعزع من هَذَا السرير جوانبه) فَعرف الدَّار وصاحبها فَقَالَ لحفصة وَأهل التجربة من النِّسَاء كم أَكثر مَا يصبر النِّسَاء عَن أَزوَاجهنَّ فَقُلْنَ لَهُ أَرْبَعَة أشهر فَكَانَ لَا يحبس الْبَعْث أَكثر من أَرْبَعَة أشهر وَحَتَّى قَالَت عَائِشَة وَعبد الرَّحْمَن وَعَمْرو بن

<<  <   >  >>